نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1617
* أن الإجماع منعقد على حرمة وطء المرأة في الحيض، فيستصحب التحريم حتى يتفق على الإباحة، ولم يحصل الاتفاق إلا إذا نقطع دمها، واغتسلت في جميع جسدها، وهذا ما يسمى عند الأصوليين: (باستصحاب الإجماع في محل الخلاف)، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف حجة في إثبات الأحكام].
وأجيب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أنه قد ورد الدليل الناقل، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ورود الناقل شرط لحجية الاستصحاب].
الوجه الثاني: أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].
(فوائد):
1 - ضابط استصحاب الإجماع في محل الخلاف:
" أن يجمع العلماء على مسألة، ثم تتغير إحدى صفاتها فيحصل الخلاف، فيحكم بالإجماع في ذلك المحل بناء على ثبوته فيما قبل".
2 - الاستدلال بهذا الدليل لا يستقيم على مذهب الجمهور، إذ هم لا يقولون بهذا النوع من الاستصحاب.
[انظر: البحر المحيط للزركشي (22/ 6)، والإبهاج لابن السبكي (182/ 3)].
وقد احتج به أهل الظاهر، وجماعة.
[انظر: الإحكام لابن حزم (5/ 5)، والتبصرة للشيرازي (526)].
والحق في هذه المسألة: أن هذا النوع من الاستصحاب ليس بحجة، ويدل على ذلك أدلة، ومنها:
أ- أن موضع الخلاف غير موضع الإجماع، ولا يجوز الاحتجاج بالإجماع في غير موضعه، كما لو وقع الخلاف في مسألة لا يجوز الاحتجاج فيها بالإجماع المنعقد في مسألة أخرى.
ب- أن حقيقة الإجماع غير موجودة في موضع الخلاف، وما كان حجة لا يصح الاحتجاج به في الموضع الذي لا يوجد فيه، كألفاظ صاحب الشرع إذا تناولت موضعا خاصا لم يجز الاحتجاج بها في غير الموضع الذي تناولته.
ج- أنه ليس لمستصحب حال الإجماع في موضع الخلاف دليل من جهة العقل ولا من جهة الشرع، وبناء عليه فلا يجوز له إثبات الحكم به، كما لو لم يتقدم موضع الخلاف إجماع.
[التبصرة للشيرازي (527)، إحكام الفصول للباجي (949/ 1)]
3 - نقل ابن السبكي عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه قال في الإمام داود بن علي الظاهري: "وكان القاضي يعني أبا الطيب يقول: داود لا يقول بالقياس الصحيح، وهنا يقول بقياس فاسد؛ لأنه يحمل حالة الخلاف على حالة الإجماع من غير علة جامعة".
[انظر: الإبهاج لابن السبكي (182/ 3)].
قال أبو عبد الله - عفي عن تقصيره -: وهذا استدراك موفق من أصولي محقق رحم الله الجميع.
وقد ذهب الحنفية إلى أنه يجوز إتيان الحائض إذا انقطع دمها ولو لم تغتسل، إذا كان هذا الانقطاع بعد أكثر الحيض (عشرة أيام)، أما إذا كان انقطاع الدم لأقل من ذلك، فلا تحل له حتى تغتسل، أو يمضي وقت صلاة كاملة.
[انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 2)].
واستدلوا على ذلك بهذه الآية، ومأخذ الحكم من الآية من قوله: ژ ھ ھ ے ے? ژ
قالوا: قد ورد في هذه الآية قراءتان، الأولى: بالتخفيف ژ ے ے? ژ وهي قراءة نافع، وأبي عمرو، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص عنه.
والثانية: بالتشديد ژحتى يطّهّرنژ، وهي قراءة حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل.
والقاعدة في الأصول: [أن القراءتين كالآيتين في استنباط الأحكام]،
قالوا: والطهر في قراءة التخفيف بمعنى انقطاع الدم، وفي قراءة التشديد بمعنى الاغتسال، فتحمل قراءة التخفيف على ما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، فمد الله -عز وجل-التحريم إلى غاية وهي انقطاع الدم، والقاعدة في الأصول: [أن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها في الحكم]، وبناء على ذلك فيجوز إتيانها بعد انقطاع الدم ولو لم تغتسل.
وتحمل قراءة التشديد على ما إذا انقطع دمها لأقل من ذلك، فمد الله -عز وجل-التحريم إلى غاية وهي الاغتسال، والقاعدة في الأصول: [أن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها في الحكم]، وبناء على ذلك فلا يجوز إتيانها بعد انقطاع الدم إلا إذا اغتسلت،
ووجه التفريق بين الصورتين: أن في الصورة الثانية لا يؤمن عود الدم مرة أخرى.
وأجيب عنه من وجوه:
1 - أن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الغائي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
(القول بعدم حجيته مذهب أكثر الحنفية، انظر: أصول السرخسي (238/ 1)).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1617