نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1550
قلت: والجمع بين هذا الحديث وما قبله, أن هذا في حقِّ من أراد أن ينشئ صياماً بعد النصف على غير عادة له, لا لمن ابتدأ الصيام من أول الشهر, أو كان معتاداً على صيام أيام فوافق مجيئها بعد النصف, فإنه يحقُّ له الاستمرار على عادته. وانظر الآتي من كلام الإمام النووي.
ثالثاً: صيام آخر أيامه:
ومن الأحكام المتعلِّقة بصيام شَعبَان -أيضاً-, ما جاء في السنة من النهي عن تقدم رَمَضان بصيام عدة أيام قبله إلا لمن وافق عادة له في صيامه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «لا تقدَّموا رَمَضان بصوم يوم ولا يومين, إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمْه». متفق عليه
قال النووي -رحمه الله-: «فيه التَّصريح بالنهي عن استقبال رَمَضان بصوم يوم ويومين لمن لم يصادف عادة له, أو يصله بما قبله, فإن لم يصله ولا صادف عادة فهو حرام؛ هذا هو الصحيح في مذهبنا؛ لهذا الحديث, وللحديث الآخر في سنن أبي داود وغيره: «إذا انتصف شَعبَان فلا صيام حتى يكون رَمَضان» , فإن وصله بما
قبله, أو صادف عادة له؛ فان كانت عادته صوم يوم الاثنين ونحوه فصادفه فصامه تطوُّعاً بنية ذلك؛ جاز لهذا الحديث».اهـ «شرح النووي على مسلم» (7/ 194).
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: «الذي يتقدَّم رَمَضان بصوم يوم أو يومين كأنه تقدَّم بين يدي الله ورسوله, فبدأ بالصوم قبل أن يحين وقته». «لقاء الباب المفتوح» (109/ 3).
رابعاً: صيام يوم الشَّكّ:
ومما ينهى عنه في شَعبَان صوم يوم الشك, وهو يوم الثلاثين من شَعبَان إذا كانت السماء مغيِّمة في ليلته ولم يُرَ الهلال, فعن صلة قال: كنا عند عمار [بن ياسر -رضي الله عنه-] فَأُتِيَ بشاةٍ مصليَّة, فقال: «كُلُوا» , فتنحَّى بعض القوم قال: إني صائم, فقال عمار: «من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-». رواه أصحاب السنن وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (4/ 126).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «استُدِلَّ به على تحريم صوم يوم الشك؛ لأنَّ الصحابيَّ لا يقول ذلك من قبل رأية, فيكون من قبيل المرفوع, قال ابن عبد البر: هو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك, وخالفهم الجوهري المالكي, فقال: هو موقوف, والجواب: أنه موقوف لفظاً مرفوع حكماً».اهـ «فتح الباري» (4/ 120).
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «يُنهَى عن صوم يوم الشَّك لما يُخاف من الزيادة في الفرض».اهـ «مجموع الفتاوى» (25/ 124).
خامساً: القضاء في شَعبَان:
عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: «كان يكون عليَّ الصوم من رَمَضان, فما أستطيع أن أقضي إلا في شَعبَان». قال يحيى: الشغل من النبي, أو بالنبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-. متفق عليه
وفي رواية لمسلم: «وذلك لمكان رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-».
وفي رواية أخرى قالت: «إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-, فما تقدر على أن تقضيه مع رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- حتى يأتي شَعبَان».
قال النووي -رحمه الله-: «وتعني بالشغل, وبقولها في الحديث الثاني: «فما تقدر على أن تقضيه»: أَنَّ كلَّ واحدة منهن كانت مهيِّئة نفسها لرسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-, مترصِّدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها -إن أراد ذلك, ولا تدري متى يريده-, ولم تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن, وقد يكون له حاجة فيها فتفوِّتها عليه, وهذا من الأدب». «شرح النووي على مسلم» (8/ 22).
وقال ابن بطال -رحمه الله-: «إنما حمل عائشة على قضاء رَمَضان في شَعبَان؛ الأخذ بالرخصة والتوسعة، لأن ما بين رَمَضان عامِها ورَمَضان العام المقبل وقت للقضاء، كما أن وقت الصَّلاة له طرفان، ومثله قوله -عليه السَّلام-: «ليس التَّفريط في النَّوم، إنما التَّفريط في اليقظة على من لم يصلِّ الصَّلاة حتى يدخل وقت الأخرى»، وأجمع أهل العلم على أن من قضى ما عليه من رَمَضان في شَعبَان بعده أنه مؤدٍّ لفرضه غير مفرِّط». «شرح صحيح البخاري» (4/ 95).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1550