نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1539
فالاستعداد للعمل فى هذا الشهر هو علامة التوفيق، وأمارة الصدق، وبداية النجاح؛ لذا قال تعالى:" ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة " [التوبة: 46]، فلا بد أن تمهد لطاعتك حتى تدرك غايتك، فلترفع من اليوم شعار:" إن لم أستعد اليوم، فليس الغد من نصيبى "، ومن الاستعداد:
أولاً: أن تهىء القلب والنفس بقرب شهر رمضان، وذلك بالتوبة النصوح لله - عز وجل - والندم على ما كان من تفريط من حقه - سبحانه وتعالى - والعزم على الاستقامة والاستفادة من نفحات هذا الشهر.
ثانيًا: ومن الاستعداد إصلاح ذات البين بينك وبين جميع من حولك، فلا تدخل شهر رمضان بخصومة تجعل قبول صومك مؤجل؛ فعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم الاثنين والخميس، فقيل: يا رسول الله: إنك تصوم الاثنين والخميس؟ فقال: إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا ُمهْتَجَِرين (أى متخاصمين) يقول: " دعهما حتى يصطلحا " (رواه مسلم، وابن ماجة).
ثالثًا: ومن الاستعداد الإقلال من الطعام، فكثير من الناس يشكوا عدم حضور القلب فى صلاة التراويح، وعدم الخشوع فى الصلاة.
أخى أتبيع قيام الليل بلقمة! أتزهد فى صلاة الملائكة عليك بشبع آخره مرض وتخمة! بل جعل الفضيل بن عياض كثرة الأكل من أسباب قسوة القلب فقال:" خصلتان تقسيان القلب: كثرة النوم وكثرة الأكل "، فإن العبد إذا لم يستعد لهذا الشهر حُرِم من فضائله.
الخطبة الثانية
رابعًا: ومن الاستعداد أن تحافظ على وقتك كما جاء فى حديثه - صلى الله عليه وسلم:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " (رواه البخارى) .. وللوقت خاصية، وهي أنه إذا ذهب لم يرجع، وهذا يدفعنا لاستغلال كل لحظة منه، كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول:" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك " (رواه البخاري).
ويقول الحسن البصري - رضي الله عنه:" يا بن آدم نهارك ضيفك فأحسن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلك ". وقال أيضًا:" ابن آدم إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم فاعمل ".
وإن أهم ما يساعدك على اغتنام الوقت .. تنظيم الأعمال، واجتناب المجالس الفارغة الخاوية، وترك الفضول فى كل شىء، ومصاحبة المجدين النابهين، واعلم يا أخى أن دخول الجنة يحتاج بعد التعلق برحمة الله، كثير من المجهود نبذله فى طاعة الله، ولم لا وما هى إلا أيام معدودات ممثلة فى هذه الحياة الدنيا، ثم يعقبها سنوات لا نهاية لها فى القبر والدار الآخرة، وليتخيل كل منَّا حجم الندم والحسرة التى تملأ قلوب الغافلين عندما يتعرضون للحساب الرهيب تجاه تقصيرهم فى عبادة خالقهم.
واعلم أن أغلى أمانى أهل القبور أن يعودوا إلى الدنيا - ولو للحظة - يسبحون لله فيها تسبيحة، أو يسجدون لله سجدة واحدة، فهل لنا فيهم من عبرة؟ أما آن لنا أن نفيق من غفلتنا، ونستعد لمواجهة المصير الذى ينتظرنا؟!
إننا ما زلنا فى الدنيا والفرصة سانحة أمامنا، وها هو شهر رمضان يدعونا لذلك، فهيا بنا نشمَّر عن سواعدنا، ونهجر فراشنا، ونوقظ أهلنا، ونرفع راية الجهاد ضد أنفسنا ورغباتها، هيا بنا نجيب داعى الله:" اسْتَجِيبُواْ لِرَبّكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاّ مَرَدّ لَهُ مِنَ اللهِ مَا لَكُمْ مّن مّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مّن نّكِيرٍ " [الشورى: 47].
==========
الخطيب: محمد عزت أبو حيا الله
منقول عن موقع:
http://www.hadielislam.com/arabic/index.ph...le&id=30328
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1539