الحمد لله الذي جعلنا من أمة الهداية أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-. وبيَن لنا شرائعه، وشعائره لنعبده على الوجه الذي يرضيه عنا.
فالشعائر: هي كل ما جعله الله -تبارك وتعالى- علما على طاعته من قربات، وطاعات، ومنها إراقة الدماء في الهدي والأضاحي، وغيرها إذا ابتغِيَ بها وجه الله، فكانت دليلا على تقواه، وسبيلا إلى شكره ورضاه، لقوله -تعالى-: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج 36 - 37].
قال ابن عباس - رضيَ الله عنهما -: تطلق الشعائر على مناسك الحج.
وقال عكرمة وعطاء رحمهما الله – تعالى -: تطلق الشعائر على حدود الله - سبحانه -.
ومن شعائر الله-تعالى- الأضحية وهي موضوع البحث نتناوله بشيء من التفصيل - إن شاء الله تعالى - إذ أنها قربة لها شأن عظيم، وتذبح في أيام لها شأن عظيم عند الله – تبارك وتعالى -.
سائلين المولى - سبحانه - أن يتقبَل منا صلاتنا وصيامنا ونسكنا، ويهدينا لخير القول والعمل.
فعن عبد الله بن قرط - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرّ) رواه): (حم، د، ك) [صحيح الجامع 1064] و [إرواء الغليل 2018].
يوم القرّ: هو الغد من يوم النحر وهو حادي عشر من ذي الحجة، لأن الناس يقرّون فيه بمنى، أي: يسكنون ويقيمون.
فالأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام – البقر، والغنم، والإبل - طاعة وقربة إلى الله - تعالى-.
وهي أيضا من النسك: وقال الله – جلّ شأنه -: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج 34].
أما ما ُيتقرب به لغير الله -تعالى- من أوثان وطواغيت، وما تزيّنُه لهم الشياطين، من ذبح عند قبورالأولياء والصالحين، فهو شرك أكبر، ملعون صاحبه، ويخلد في النار بسبب تعظيمه لغير الله -تعالى-.
وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة -رضي الله عنه- قال: كنت عند علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فأتاه رجل، فقال: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُسِرّ إليك؟ قال: فغضب، وقال: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُسِرّ إليّ شيئا يكتمهُ الناس، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع، قال: فقال: وما هن؟ يا أمير المؤمنين؟ قال: (لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثا، ولعن الله من غيَّر منار الأرض) [مختصر مسلم 1260].
قال شيخنا الألباني رحمه الله -تعالى- في التعليق على الحديث: [كالنصارى الذين يذبحون لعيسى عليه السلام وأمه، وبعض جهلة المسلمين الذين يذبحون للأولياء والصالحين، كالجيلاني، والسيَدة زينب وغيرهما].
قال الإمام النووي رحمه الله - تعالى -: [ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا] انتهى كلامه. انظر: [مختصر صحيح مسلم. " الحاشية " ص 341].
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1406