نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1376
ومما يعيق التنمية الاقتصادية ويضعف الاستثمار ما تفرضه السياسة النقدية للبنوك المركزية على البنوك الأخرى الخاضعة لها ضرورة الاحتفاظ بنسبة معينة من إجمالي الودائع الخاصة بكل بنك في حساب خاص به لدى البنك المركزي فيما يُعرف بالاحتياطي القانوني بهدف حماية أموال المودعين من ناحية، وتحجيم دور البنوك في زيادة العرض النقدي، هذه السياسة النقدية – التي تلائم المصارف التي تعتمد على نظام الفائدة – تؤدي إلى تعطيل جزء من الأموال التي قدمها أصحابها لتلك المؤسسات بغرض استثمارها. [44]
وهذه السياسة النقدية غير ملائمة للطريقة الإسلامية، فمثلاً نظام المضاربة لا يترتب عليه رد الأموال في أي وقت لارتباطها بمشروعات استثمارية موظّفة بها من ناحية، وارتباطها بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة من ناحية أخرى. وقد أدّت هذه السياسة إلى تعطيل جزءٍ من أموال البنوك الإسلامية مما يؤثر سلباً على ربحية هذه الاستثمارات. [45]
ويتلخّص لدينا مما سبق أن نظام الفائدة يعيق التنمية الاقتصادية للأسباب التالية:
1 - التوسّع في الضمانات للقرض الربويّ توسّعاً لا يقدر عليه إلّا الأغنياء، وهذا يمنع عاملين مهرة في الاستثمار لعدم وجود ضمانات كافية.
2 - اهتمام المقرضين باسترجاع رأس مالهم مضافاً إليه الفائدة أكثر من اهتمامهم بنجاح المشروع.
3 - زيادة تكاليف الإنتاج مما يؤدي إلى انخفاض صافي الربح، وهذا بدوره لا يشجع على الاستثمار.
4 - الاحتفاظ بالاحتياطي القانوني لكل بنك في البنوك المركزية يعطّل جزءاً من المال عن الاستثمار والإنتاج والمشاركة في التنمية.
المبحث الرابع: التضخم:
يدور مفهوم التضخم حول الزيادة في كمية النقود تؤدي إلى ارتفاع في الأسعار، فهو ظاهرة تتمثل في انخفاض القوة الشرائية للنقود المقترضة أو ارتفاع الأسعار. [46] ومن أسباب هذه الظاهرة زيادة كمية النقود. [47]
وتأييداً لهذا يرى عالما الاقتصاد السويدي فيكسل والإنجليزي كينزان التضخم يحدث عندما تزداد كمية النقود، حيث يزيد الطلب الكلي على السلع والخدمات أكثر من العرض الكلي لهذه السلع والخدمات. [48]
ويفسّر فيكسل ظاهرة ارتفاع الأسعار بالمقارنة ما بين سعر الفائدة النقدي الذي تمارسه البنوك عند الإقراض أي نفقة الاقتراض من البنوك مثلاً والعائد الذي يمكن أن يحققه رأس المال المستثمر (أي سعر الفائدة الحقيقي). وتوضيح ذلك:
لنفرض أن سعر الفائدة = ر، فإن المديونية =ك (1+ر) في نهاية الفترة، ولنفرض أن العائد = ز، فتصبح قيمة الناتج – ك (1+ز)، ك = كمية النقود، والتوازن النقدي يحصل عندما تكون ز=ر، ويتحقق ثبات الأسعار، ولو قامت البنوك التجارية بتخفيض سعر الفائدة النقدية بالمقارنة بسعر الفائدة الحقيقية، فإنه يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لأنه يؤدي إلى زيادة الاستثمار ومن ثم زيادة الطلب على عناصر الإنتاج، وارتفاع أسعارها، فتزداد نفقات الإنتاج وتزداد الأسعار، ويؤدي أيضاً إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولو قامت البنوك برفع سعر الفائدة فإنه يؤدي إلى ارتفاع في كلفة رؤوس الأموال مما يؤدي إلى رفع الأسعار. [49]
ودليل آخر على أثر الفائدة في التضخم أن صاحب المال لا يرضى إذا استثمر ماله في صناعة أو زراعة أو شراء سلعة أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، لأنه يفكر أنه استثمر المال وبذل الجهد واستعدّ لتحمّل الخسارة، فلابد أن تكون نسبة الربح أكثر من نسبة الربا، وكلما ازدادت نسبة الربا غلت الأسعار أكثر منها بكثير، هذا إذا كانت المنتج أو التاجر صاحب مال، وأما إذا كان ممن يقترض بالربا فرفعه للأسعار أمرٌ بدهيّ، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه من الربا. [50]
ويمكن تعليل ما سبق، وتحليله تحليلاً اقتصادياً يبيّن أثر سعر الفائدة في التّضخّم بما يلي:
من عيوب النظام النقدي المعاصر وجود خلل بين كميّة النقود وكمّية السلع والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة كمحاولة من الحكومة لامتصاص النقود من السوق، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات ثم ارتفاع الأسعار مرةً أخرى، وهكذا تدور الدورة من جديد وتسبب مضاعفاتها. [51]
ويمكن توضيح ذلك في الشكل التالي:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1376