نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1340
وأيضًا مما يُذكر في هذا المقام: أن عاشوراء: هو العاشِر من شهر المحرَّم، ونقول: (المحرَّم)، ولا نقول: (محرَّم)، وقد نبَّه علماء اللُّغة: أنه لا يوجَد شهرٌ من الشهور العربية أُضيف إليه الألِف واللام إلا شهر الله المحرَّم؛ وبالتالي: فإن مِن الخطأ أن يُقال: (شهر محرَّم)؛ وإنما هو (شهر الله المحرَّم).
والله -عز وجل- يقول في كتابه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]، وهذه الأربعة وردت في السُّنَّة؛ ففي "صحيح البخاري" و"مسلم": عن أبي بَكْرَة -رضي الله عنه- .. [و"أبو بكرة": صحابي جليل، اسمُه: نُفَيع بن الحارث، حاول بعضُ أهل البدع -قديمًا- أن يطعنوا به، وأن يغمزوا في رواياتِه -في "صحيح البخاري"، وغيره-؛ بل أن يَغمزوا في عدالتِه -هو-رضي الله عنه-، وللأسف أن بعض المنتسِبين للسُّنة -في العصر الحديث- نزع إلى قولهم، وذهب إلى كلامِهم؛ فأتى بسُوءٍ مِن القول! لم يسكت عنه أهل العلم، وتصدَّوا له، وكشَفوا هواءَ وهَراء كلامِه.
ففي "الصحيحين": عن أبي بَكرة -رضي الله عنه- قال: خطَبَنا النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يوم النَّحر؛ فقال: "إنَّ الزَّمانَ قَد اسْتَدارَ كَهَيْئَتِه يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ؛ السَّنَة: اثنا عَشر شهرًا، منها أربعةٌ حُرُم: ثلاثٌ مُتوالِيات: (ذُو القعدَة)، و (ذو الحجَّة)، و (المحرَّم)، و (رجَب مُضَر) الذي بين جُمادَى وشَعبان".
و (رَجب مُضَر): لُقِّب أو أضيف إلى مُضَر؛ فقيل: (رجب مُضر)؛ لأن قبيلة (مُضَر) -من قبائل العرب- كانت تعظِّم هذا الشهر أكثر من غيرها مِن قبائل العرب؛ فأضيف إليها.
وكذلك -أيضًا- كان يُقال -في هذه الأشهر الأربعة-: (ثلاثة سَرْد، وواحِدٌ فَرْد). (الثلاثة السَّرْد)؛ ما هي؟ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرَّم. و (واحد فَرْد)؛ وهو؟ رجب؛ لذلك -أيضًا- يقولون في كتب اللغة: (رجب الفَرْد)، يقولون: (في الثاني عشر مِن شهر رجب الفَرْد) -مثلًا- .. وهكذا.
والنبي -عليه الصلاة والسلام- سمَّى هذا الشهر بـ (شهر الله المحرَّم)، وإنما أضافَهُ إلى الله (شهر الله) إضافة تشريف، وإضافة التَّشريف معروفة في نُصوص الشَّرع؛ كما نقول: بيت الله، وناقة الله. . وهكذا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "أفضلُ الصِّيامِ بَعْدَ رَمضَانَ: شَهرُ اللهِ المحرَّم" كما في "صحيح الإمام مسلم".
وللحافظ ابن رجب -رحمه الله- كلمة في هذا المعنى، يقول فيها -في كتابه: " لطائف المعارِف "-، يقول: " قد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله: أنه إشارة إلى أن تحريمَه إلى الله -عز وجل-" يعني: أن الله هو الذي حرَّمه، "ليس لأحد تبديلُه، كما كانت الجاهلية يُحلِّونه ويحرِّمون مكانه صفرًا" {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: 37]، "فأشار إلى أنه شهر الله الذي حرَّمه الله" (المحرَّم): أي مِن عند الله، "فليس لأحد مِن الخلْق تبديل ذلك وتغييرُه"، نعم.
ومِن أجل هذا: جاء في فضل (المحرَّم) نصوص متعددة، وفي فضل (عاشوراء) -على وجه الخصوص- نصوص أخرى.
أما سبب تعظيم العَرب له: ففي الحقيقة؛ أنه ذكر الحافظ ابنُ حجر في "فتح الباري" أوجهًا عدة، ولكن؛ لا دليل قاطعٌ في إثبات وجهٍ -من هذه الوجوه-؛ إلا أن يكون ذلك مِن بقايا إِرث الأنبياءِ في أن يكون هذا مما حرَّمه الله عليهم.
وكما ذكرنا في الحديث: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "أفضلُ الصِّيامِ بَعْدَ رَمضَانَ: شَهرُ اللهِ المحرَّم، وأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعدَ الْفَريضَةِ: قِيامُ اللَّيْلِ".
ـ[أم محمد]ــــــــ[04 - 12 - 2010, 11:18 ص]ـ
لكن هنا شيء:
وهو أننا يجب أن نفهمَ الأحاديث القوليَّةَ الواردة عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مِن خلال تطبيقِه العَملي، وتطبيقِه الفِعلي؛ هذا أكمل المقامات، وأجلى البيِّنات؛ لا أن نفهم الأحاديثَ بفهمٍ عربي -فقط؛ بلغة العَرب- بمَعزلٍ عن فَهمِ، وعن إدراك أفعالِ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه الكرام -رضيَ اللهُ عنهم-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1340