responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1281
كان الاهتمام الرئيسي لرسول الله في هذه المرحلة أن يبني الجانب العقائدي عند الصحابة .. فلا يؤمنون بإله غير الله .. ولا يتوجهون بعبادة لأحد سواه .. ولا يطيعون أحدًا يخالف أمره .. وهم يتوكلون عليه، وينيبون إليه، ويخافون عذابه، ويرجون رحمته.

إيمان عميق برب العالمين .. وإيمان برسوله الكريم، وبإخوانه من الأنبياء والمرسلين .. واعتقاد جازم بأن هناك يومًا سيبعث فيه الخلائق أجمعون .. سيقوم فيه الناس لرب العالمين يحاسبون على ما يعملون .. لن يُظلم في ذلك اليوم أحد .. لن تُغفل الذرة والقطمير .. إنها والله إمَّا الجنة أبدًا أو النار أبدًا.

وإلى جانب العقيدة الراسخة فقد تعلم المؤمنون في هذه المرحلة الأخلاق الحميدة، والخصال الرفيعة .. هذبت نفوسهم .. وسمت بأرواحهم .. وارتفعوا عن قيم الأرض وأخلاق الأرض وطبائع الأرض .. إلى قيم السماء وأخلاق السماء وطبائع السماء .. لقد نزل الميزان الحق الذي يستطيع الناس به أن يقيموا أعمالهم بصورة صحيحة.

وعرف المؤمنون في هذه المرحلة أن الطريق الطبيعي للجنة طريق شاق صعب .. مليء بالابتلاءات والاختبارات .. ما تنتهي من امتحان إلا وهناك امتحان آخر .. تعب كلها الحياة .. والله يراقب العباد في صبرهم ومصابرتهم وجهادهم .. ولن يُستثنى أحد من الاختبار .. ويُبتلى المرء على حسب دينه.

لقد كانت الفترة المكية -يا إخواني- بمنزلة الأساس المتين للصرح الإسلامي الهائل .. ومن المستحيل أن يجتاز المسلمون خطوات كبَدْر وكالأحزاب وكخَيْبر وكتَبوك، دون المرور على فترة مكة.

ومن المستحيل أيضًا أن تبنى أمة صالحة، أو تنشأ دولةً قوية، أو تخوض جهادًا ناجحًا، أو تثبت في قتال ضار .. إلا بعد أن تعيش في فترة مكة بكل أبعادها.

وعلى الدعاة المخلصين أن يدرسوا هذه المرحلة بعمق، وعليهم أن يقفوا أمام كل حدث -وإن قصر وقته أو صغر حجمه- وقوفًا طويلاً طويلاً.

فهنا البداية التي لا بد منها ..
وبغير مكة لن تكون هناك المدينة ..
وبغير المهاجرين لن يكون هناك أنصار ..
وبغير الإيمان والأخلاق والصبر على البلاء لن تكون هناك أمة ودولة وسيادة وتمكين.

(6) الهجرة وإن كانت حدثًا تاريخيًّا مر منذ مئات السنين، ولا يستطيع أحد بعد جيل المهاجرين أن يحققه، وذلك كما قال الرسول فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ"؛ إلا أن الرسول فتح باب العمل للمسلمين الذين يأتون بعد ذلك، فقال في نفس الحديث: "وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". فالجهاد والبذل والحركة والعمل في سبيل الله لن يتوقف أبدًا في الدنيا، والسعيد حقًّا هو من انشغل بعمله عن قوله، وبنفسه عن غيره، وبآخرته عن دنياه.

(7) أول مراحل الهجرة هي ترك المعاصي، والبُعْد عن مواطن الشبهات، ولن ينصر الدين رجل غرق في شهواته، والمعروف أن ترك المعاصي مقدم على فعل فضائل الأعمال، والإنسان قد يُعذر في ترك قيام أو صيام نفل أو صدقة تطوع، لكنه لا يُعذر في فعل معصية، وذلك كما قال الرسول فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t: " إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"؛ ولذلك عرَّف الرسول المهاجر الحقيقي بتعريف عميق من جوامع كلمه، فقال فيما رواه أحمد عن عبد الله بن عمروإِنَّ الْمُهَاجِرَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ". رضي الله عنهما: "
د. راغب السرجاني

فما أحوج المسلمين اليوم إلى هجرة إلى الله ورسوله: هجرة إلى الله بالتمسك بحبله المتين وتحكيم شرعه القويم، وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، باتباع سنته، والاقتداء بسيرته، فإن فعلوا ذلك فقد بدأوا السسير في الطريق الصحيح، وبدأوا يأخذون بأسباب النصر، وما النصر إلى من عند الله.
نهاية الى كل

الغيورون على أمة الإسلام، يا من احترقت قلوبهم لآلامها، نعمَّا هذا الألم! وما أصدقه على إيمانكم وحبكم لدينكم! ولكن لا يبلغن بكم اليأس مبلغه؛ فإن الذي أهلك فرعون وعادًا وثمود وأصحاب الأيكة، والذي رد التتار ودحر الصليبيين قادرٌ على أن يمزق شمل الروس، ويبدد غطرسة الصهيونية، ويحطم أصنام الوثنية المعاصرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
روابط دعوية مهمة
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست