ذكرت قصة في إحدى الإذاعات، تقول: إن ولدًا سأل أباه عن الله فأجاب الأب بأن الله موجود في كل مكان؛ السؤال: ما الحكم الشرعي في مثل هذا الجواب؟
جواب الإمام ابن باز -رحمه الله-:
هذا الجواب باطل وهو من كلام أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهما.
والصواب الذي عليه أهل السُّنة والجماعة أن الله -سُبحانه- في السماء فوق العرش فوق جميع خلقه كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع سلف الأمة، كما قال عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [1]، وكرر ذلك -سُبحانَه- في سِتِّ آيات أخرى من كتابه العظيم.
ومعنى الاستواء عند أهل السُّنَّة هو: العُلو والارتفاع فوق العرش على الوجه الذي يليق بجلال الله -سُبحانه-، لا يعلم كيفيته سواه كما قال مالك -رَحمهُ اللهُ- لما سُئل عن ذلك: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسُّؤال عنه بدعة)، ومراده -رَحمهُ اللهُ- السؤال عن كيفيته.
هذا المعنى جاء عن شيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهو مروي عن أم سلمة -رَضِي اللهُ عنها-، وهو قول جميع أهل السنة من الصحابة -رَضِي اللهُ عنهم- ومن بعدهم من أئمة الإسلام.
وقد أخبر الله -سُبحانَه- في آيات أُخر أنه في السماء وأنه في العلو، كما قال سبحانه: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [2]، وقال -عزَّ وجلَّ-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [3]، وقال -سُبحانَه-: {وَلا يؤودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [4]، وقال -عزَّ وجلَّ-: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [5]، ففي هذه الآيات، وفي آيات كثيرة من كتاب الله الكريم صرح -سُبحانَه- أنه في السَّماء وأنه في العلو، وذلك موافق لما دلَّت عليه آيات الاستواء.
وبذلك يعلم أن قول أهل البدع بأن الله -سُبحانه- موجود في كل مكان من أبطل الباطل، وهو مذهب الحلولية المبتدعة الضالة؛ بل هو كفر وضلال وتكذيب لله -سُبحانه- وتكذيب لرسوله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فيما صح عنه من كون ربه في السَّماء، مثل قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "أَلا تأمنوني وأنا أمينُ مَن في السماء "،وكما جاء في أحاديث الإسراء والمعراج وغيرها.
والله ولي التوفيق. [1] سورة الأعراف الآية 54. [2] سورة غافر الآية 12. [3] سورة فاطر الآية 10. [4] سورة البقرة الآية 255. [5] سورة الملك الآيتان 16 – 17.
نشرت في مجلة الدعوة، في العدد (1288)، في 11/ 10/1411هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السادس. نقلا من الموقع الرسمي لابن باز (http://www.binbaz.org.sa/mat/303).
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1250