responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1143
الجمال الباطن والجمال الظاهر
ـ[أم محمد]ــــــــ[27 - 02 - 2011, 09:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم أن الجمال ينقسم قسمين: ظاهر وباطن.
فالجمال الباطن: هو المحبوب لذاته؛ وهو جمال العِلم والعقل والجُود والعِفة والشَّجاعة.
وهذا الجمال الباطن هو مَحل نظر الله مِن عبدِه، ومَوضِع محبَّته؛ كما في الحديث الصَّحيح: "إنَّ اللهَ لا يَنظر إلى صُوَركم وأموالكم، ولكنْ: ينظر إلى قُلوبِكم وأعمالِكم".
وهذا الجمال الباطن يزين الصورةَ الظاهرة -وإنْ لم تكنْ ذات جمال-؛ فتكسو صاحبَها مِن الجمال والمَهابة والحلاوة بحسب ما اكتست رُوحُه مِن تلك الصِّفات.
فإن المؤمنَ يُعطَى مَهابةً وحلاوةً بحسب إيمانِه: فمَن رآهُ؛ هابَه، ومَن خالطَه أحبَّه.
وهذا أمرٌ مشهودٌ بالعيان: فإنك ترى الرجلَ الصالحَ المُحسِن ذا الأخلاق الجميلة مِن أحلى النَّاس صورةً -وإن كان أسودَ، أو غيرَ جميل-ولا سيما إذا رُزق حظًّا مِن صلاة الليل؛ فإنها تُنوِّر الوجهَ وتُحسِّنه-.
وقد كان بعضُ النساء تُكثِر صلاة الليل، فقيل لها في ذلك؛ فقالت: إنها تُحسِّن الوجه، وأنا أحب أن يحسن وجهي.
ومما يدل على أن الجمالَ الباطنَ أحسنُ مِن الظاهر: أن القلوب لا تنفكُّ عن تعظيمِ صاحبِه ومحبتِه والميل إليه.

(فصل)
وأما الجمال الظَّاهر: فزينة خصَّ اللهُ بها بعضَ الصور عن بعض، وهي مِن زيادة الخلْق التي قال الله -تعالى- فيها: {يَزيدُ في الخَلْقِ مَا يَشاءُ}، قالوا: هو الصوتُ الحسَن والصُّورة الحسَنة. والقلوب كالمَطبوعة على محبَّته على محبَّته كما هي مفطورة على استحسانه ...

(فصل)
وكما أن الجمال الباطن مِن أعظم نِعَم الله -تعالى- على عبدِه؛ فالجمال الظاهر نعمة منه -أيضًا- على عبدِه يوجب شُكرًا، فإن شكَره بتقواه وصيانتِه؛ ازداد جمالًا على جمالِه، وإن استعمل جمالَه في معاصيه -سبحانه-؛ قَلَبَه له شيئًا ظاهرًا في الدنيا قبل الآخرة! فتعود تلك المحاسن وَحشةً وقُبْحًا وشَينًا يشينُه به بين الناس.
فحُسن الباطن يعلو قُبحَ الظاهر ويسترُه، وقبحُ الباطن يعلو جمال الظاهر ويستره.

["روضة المُحبين"، لابن القيم، 231 - 232]

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست