بيان هيئة كبار العُلماء
في دورة المجلس التَّاسعة والثَّلاثين المنعقدة
في محافظةِ الطَّائف، منطقة مكَّة المكرَّمة، بالمملكة العربية السعوديَّة
في شهر ربيعٍ الأوَّل، عام ثلاثة عشَر وأربعِمئةٍ وألفٍ للهِجرة النَّبويَّة (1)
(وما تقتضيه النَّصيحة الشَّرعية من وجوبِ العدلِ في القَولِ والعملِ، والعِنايةِ بِمُتابعةِ هَدي النَّبي في إسداءِ النُّصح لكلِّ مسلمٍ بِما يحقِّق المصلحةَ، ويَدرأ المفسدةَ، ويجمعُ القلوب، ويلمُّ الشَّمل، ويوحِّد الصُّفوف، عملًا بقولِ الله -تَعالى-: {واعتَصِموا بِحَبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا}.
ويقولُ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فيما ثبتَ عنه: «إنَّ اللهَ يَرضَى لكم ثَلاثًا: أن تَعبُدوهُ ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تَعتَصِمُوا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تُناصِحوا مَن ولَّاهُ الله أمرَكم» [2].
وإلى غير ذلك مِن النُّصوصِ الدالَّةِ على مَنزلةِ النَّصيحةِ مِن الدِّين، وكيفيَّة أدائِها والرَّغبة في توفيرِ أسبابِ التَّآلُف، والبُعد عن ما قد يوجد مِن عوامل الفُرقة والفتنة، ويزرعُ بُذور الشحناء والتَّحزُّب التي لا تعود على البلاد والأمَّة إلا بالشرِّ.
والمجلس إذ يؤكِّد وجوبَ التناصُح والتفاهُم والتعاون على البرِّ والتَّقوى، والتَّناهي عن الإثمِ والعدوان؛ يُحذِّر من ضدِّ ذلك من الجورِ والبغي وغمطِ الحق.
كما يُحذِّر مِن أنواع الارتباطات الفِكريَّة، والالتِزام بِمبادئ جماعات وأحزاب أجنبيَّة.
إذ الأمَّة في هذه البلادِ يجبُ أن تكونَ جماعةً واحدةً متمسِّكةً بما عليه السلفُ الصالحُ وتابعوهم، وما كان عليه أئمَّة الإسلام -قديمًا وحديثًا- مِن رزوم الجماعة، والمناصحة الصَّادقة، وعدم اختِلاق العيوب وإشاعتها ...
ونسأل الله أن يوفِّق وُلاة أمرِنا لما فيه رضاه، ولما في صلاح العباد والبلاد.
كما نسأله -تعالى- أن يوفِّق جميعَ وُلاةِ أمر المسلمين وشُعوبهم لكلِّ خير.
وصلى اللهُ وسلم على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم).
كلمة معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه اللهُ- (3)
(ندعو جميعَ شباب المسلمين، وخصوصًا في هذه البلاد أن يَرجعوا عن الخطأ، وأن ينضمُّوا إلى جماعة أهلِ السُّنَّة والجماعة والفِرقة الناجية المتمثِّلة في زماننا هذا -ولله الحمد- فيما عليه أهلُ هذه البلاد من علمائِها وقادتِها وعامَّتها كلهم نشؤوا على التَّوحيد، وساروا على الجادَّة الصَّحيحة، فنحن على بيِّنة من أمرِنا.
ننصحُ شبابَنا بالسَّير على خُطى هذه الجماعة التي تسير على المنهج الصَّحيح، وأن لا يلتفتَ إلى الفِرق وإلى الجماعات وإلى الحزبيَّات وإلى المُخالِفين؛ لأن هذا يسلبُ النِّعمة عن بلادِنا، ويُشتت جماعتنا، ويُفرق بين قُلوبِنا كما هو حاصلٌ الآن -للأسفِ! -.
هذا التَّعادي الذي بين الشَّباب -الآن-، وبين كثيرٍ من المنتسِبين إلى الدَّعوةِ في هذه البلادِ -الآن-؛ هذا إنَّما نشأ من النَّظر إلى هذه الجماعات، والاغترار به، وترويج أفكارِها؛ هذا هو الذي سبَّب التَّعادي بين الشَّباب وبين بعضِ طلبة العلم.
أمَّا لو أنَّهم شكروا نعمة الله عليهم، وتمسَّكوا بما أعطاهم الله من البصيرة والدعوة إلى الله -عزَّ وجل- التي أقامَها وقادَها في هذه البلاد المجدِّدُ شيخُ الإسلام محمد بنُ عبد الوهاب -رحمهُ الله- على بيِّنةٍ وعلى بصيرةٍ، ونجحت.
والآن لها أكثر مائتي سنةٍ، وهي ناجحةٌ لم يختلف فيها أحد، وهي تسيرُ على الطَّريق الصَّحيح.
دولة قائمةٌ على الكتاب والسُّنة؛ فهذه دعوة ناجحة لا شك في ذلك، حتى اعترف الأعداءُ بذلك، الأعداءُ يعترِفون بأن هذه البلاد تعيشُ أرقى أنواع الأمن في العالم؛ بالاستِقرار والأمن والسلام من الأفكار؛ كلٌّ يعرف هذا.
فلماذا نستبدلُ هذه النعمةَ ونتطلعُ إلى أفكارِ الآخرين التي ما نجحتْ في بلادِهم؟!
هذه الأفكارُ، وهذه الدَّعوات، وهذه الجماعات ما نفعت في بلادهم، ولا كوَّنت في بلادِها جماعة إصلاحيَّة، ولم تحوِّل بلادَها من قانونيَّة أو بلاد وثنيَّة أو قبوريَّة إلى جماعة إسلاميَّة صحيحة!
وهذا دليل على عدم نجاحِها.
فلماذا نُعجبُ بها، ونروج لها، وندعو لها؟!!).
كلمة معالي الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد
-رحمهُ الله- (4)
(... المراد هو: استصلاح الأحوالِ بدلالة ِ المسلمين على طريق جماعةِ المسلمين في الدعوةِ إلى الله -تَعالى- على منهاجِ النُّبوَّة لا غير، وتحذيرهم من تشقيق جماعة المسلمين بالانتِماء إلى الفِرق.
وتنبيه هذه الفِرق -الجماعات-: بالالتِفات إلى أخطائِها، ونُصحها بالرجوع إلى الدعوة إلى منهاجِ النُّبوَّة، على ما كان عليه النَّبي -صلى اللهُ عليه وسلم- وأصحابُه -رضيَ اللهُ عنهم- ومن تبِعهم بإحسان، والاجتماع على ذلك هي جماعة واحدة؛ هي جماعة المسلمين.
وأن تتجرَّد من أمراضِ الشُّبهات، نابذةً الفِرق والتحزُّب؛ لتفوزَ بِنصر الله في الأرض والنَّجاةِ من عذابِه في الآخرة.
وإن هذا التوجُّه إلى تقويم هذه الفِرق -الجماعات- ودعوتها إلى الالتِفات إلى مناهجِها في الدَّعوة؛ لتصحِّح مسارَها على أنوارِ الهديِ المعصوم: الكتاب والسُّنة.
إن واجبَ العدل والإنصافِ يقضي بتأييد الحق، ونبذِ الباطل، ومُنابذة أهلِه، والبراءة من كلِّ مخالفةٍ ومُخالف بحسب ما لديه مِن خير وشر، حتى تؤوب تلك الفِرق إلى جماعة المسلمين السَّائرةِ إلى الله والدار الآخرة على مدارج النُّبوة).
(1) راجعْ كتاب «حقيقة الدعوة إلى الله ...» للشيخ سعد الحصين. [2] مسلم (1715)، أحمد (2/ 327، 360، 367).
(3) من شريط «فتاوى العلماء في الجماعات .. «تسجيلات منهاج السُّنة» -الرياض. ونُشر هذا -أيضًا- في «المجلة السلفيَّة» العدد الأول: عام 1415هـ، (ص117).
(4) «حكم الانتِماء» (ص178 - 179).
----------
نقلًا من: «الفتاوى المهمة في تبصيرِ الأمَّة»، (193 - 198)، بشيء من التصرف.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1050