نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1041
و «صلاة الأوَّابين» -الثَّابتةُ-: هي صلاة الضُّحى، وفي ذلك حديثٌ صحيحٌ صَريح، قال فيه النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «صلاةُ الأوَّابين: صلاةُ الضُّحَى»، وأمَّا اعتقادُ أنَّ صلاةَ الأوَّابين هي صلاةٌ بعددٍ معيَّن مِن الرَّكعات -يوميًّا- بين المغرب والعشاء؛ فهذا ما لا يَصِح، ولا يَثبتُ عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم-.
كما أنَّه لا يجوزُ تخصيصُه بالدُّعاء، وكذلك بالصَّلاةِ؛ فكذلك لا يجوزُ تخصيصُه بالصِّيام، أو بعضِه.
فبعضُ النَّاس يصومُ أوَّل رجب، أو نصفَ رجَب، أو آخرَ رجَب، أو أيامًا معيَّنة في رَجب؛ كلُّ ذلك ليس مشروعًا، وليس عليه دليلٌ صحيحٌ في سُنَّة النَّبيِّ -عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليم-.
نقول: نعم؛ مَن كان مُعتادًا صيامَ الأيَّام البِيض -الثَّالث عشر، والرَّابع عشر، والخامِس عشر-مِن كلِّ شهر-، أو مَن كان مُعتادًا صيام الاثنين والخَميس -مِن كلِّ أسبوع-؛ فصام (رجب)، كما صام جُمادى، كما صام غير ذلك -مِن الأيام الفاضلة في الشُّهور الهجرية-؛ فهذا لا نُنكر عليه؛ إنَّما الإنكار -كما قُلنا- على مَن خصَّص فِعلًا خاصًّا؛ لاعتقادٍ خاصٍّ، بلا دليلٍ خاصٍّ؛ وهنا موضع النَّكير، وموضِع الخَلل!
وكذلك -أيضًا- نقول بالنِّسبة للعُمرة: وقد توهَّم بعضُ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُم-وهو عبدُ الله بن عُمر-بحضرة السَّيدة عائشةَ- أنَّ الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- اعتمر في رجب؛ فأنكرتْ ذلك السَّيِّدةُ عائشةُ -رضيَ اللهُ-تعالى-عنها-، وقالت: لم يَعتمِر رسول الله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- إلا أربَع عُمَر -أو عُمرات-، وكنتُ معه فيهن -جميعًا-؛ فسكتَ ابنُ عمر -رضيَ اللهُ-تعالى-عنه-.
لكن: مَن وافقتْ عمرتُه (رجَب) لمجردِ الفِعل -ليس لمزيدِ الاعتِقاد-؛ فلا نُنكرُ عليه -أيضًا-، كما لو وافقَ صيامُه صِيامًا في رجَب -مِن غيرِ مَزيد اعتقاد-؛ أيضًا: لا نُنكرُ عليه، وبخاصَّةٍ: أنَّ شهر رجبٍ قد أتَى في هذه الأيَّام -مثلًا- في العُطلةِ، وفي الإجازة، والنَّاس يَستغلُّون ذلك للسَّفرِ إلى العُمرة؛ فهم لا يَستغِلُّون ذلك لمزيد فضلِ شَهرِ رجبٍ؛ وإنَّما يَستغلُّون ذلك؛ بسببِ ظَرفِهم، وبسببِ عُطلتِهم وإجازتِهم -التي يكونُ لهم فيها فُسحةٌ في السَّفر، وما أشبه ذلك-.
وكذلك -أيضًا- نقولُه في الإنفاق -صَدقات، وزَكوات-؛ فإنَّه لا يُشرع تخصيص رجب بالزَّكاة لاعتقاد مَزيَّة فَضل، أو مَزيدِ أجرٍ؛ لكنْ: مَن وافق حَولُه شهرَ رجبٍ؛ فهذا لا مانِع مِن ذلك؛ وإن كان وردَ عن عددٍ من الصَّحابةِ أنهم كانوا يجعلون حَوْلَهم في الصَّدقات والزَّكَوات شهر رمضان؛ لِما فيه مِن البِرِّ، ولما فيه مِن الأجر، ولِما فيه مِن حال الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-وأنه كان أجودَ ما يكون في رمضان-؛ ففعل ذلك الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ-تعالى-عنهُم-، وكانوا يُخصِّصون شهر رمضانَ لأداء زكاتِهم.
هذا -أيضًا- لا ينفي ما سواه؛ يعني: لو أن أحدًا لم يُخصِّص شهرَ رمضان، ولم يتَّبع السَّلف في ذلك؛ هل نقول له: أحدثتَ، أو ابتدعتَ؟! نقول له: لا؛ فالأمر فيه سعة.
لكن: بعض الصَّحابةِ الذين جعلوا زكواتِهم مخصوصةً بشهر رمضان؛ إنَّما فعلوا ذلك؛ مُراعاةً لحال النَّبيِّ الكريم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-كما قُلنا- باعتبارِه -صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه- كان أجودَ مِن الرِّيحِ المُرسَلة، وكان أجودَ ما يكونُ -كذلك- في شهرِ رمضان.
ومما -أيضًا- يُعتقدُ ويُتوهَّم في شهر رجب -وبخاصَّة في يوم السَّابع والعشرين-أو في ليلة السَّابع والعشرين منه-: اعتقادُ ثُبوت الإسراءِ والمعراج، وليس هنالك دليلٌ قاطِعٌ على أنَّ الإسراء والمعراجَ حَدثَ في هذا اليَوم، أو في هذه اللَّيلة، مع ثُبوت الإسراءِ والمعراج مِن نُصوص الآيات والأحاديث المتواترة عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- في ذلك -بما لا شكَّ فيه-؛ لكنْ: نتكلَّم عن تحديد اليوم، وعن تحديد الوقت والزَّمان؛ أمَّا المكان: فمعروف؛ من مكَّةَ إلى بيت المقدِس إلى السَّماء {سُبْحَانَ الَّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ ليلًا مِن المسجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه لِنُرِيَهُ مِن آياتِنَا}، وهكذا -أيضًا- في آيات «سورة النَّجم» -في موضوع المعراج-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1041