responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1028
رؤيتي في التربية
ـ[عمر بن عبد المجيد]ــــــــ[28 - 06 - 2011, 11:43 م]ـ
رؤيتي في التربية
وعواصف المتغيّرات
د/عبد المجيد البيانوني

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وبعد؛
فاللهُمّ ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد على ما أنعمت، ولك الشكر على ما أوليت، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ..

رؤية خبرة ومعاناة .. لا بدّ من القول أوّلاً: إنّ هذه الرؤية لم تكن لي من أوّل يوم، وليست وليدة علم ومعرفة، بمقدار ما هي ثمرة خبرة في الحياة متراكمة، ومعاناة يوميّة، ومعايشة لأسرتي قريبة، تجاوز عمرها ثلاثة عقود من عمري .. فمن حقّها على الناظر أن يعترف بجدّيّتها ووزنها، لينتفع بها، وأن يرى أنّها واقع كان .. لا توصيف نظريّ لما ينبغي أن يكون .. وعرضها بهذه الصورة يعين روّاد الخير على أن لا يبدءوا من نقطة الصفر ..

من المهمّ دائماً ونحن نتعَامل مع أطفالنا أن تكونَ أعيننا مشدودة إلى الأمامِ .. إلى المستقبل .. فما نريد لهم أن يكونوا عليه من القيم والمعَاني فلنطبعْه في أنفسهم منذ الصغر، وما لم نرْضه له فلنبتعِد عنه .. وقد روي في الأثر: " صغار قوم كبار قوم آخرين ".

وأنا أعلم أنّ الحديث عن النفس ثقيل ممجوج، ولكنّ طبيعة هذه المقالة تفرض ذلك، فليعذرني القارئ الكريم، وليتحمّل من ثقل حديثي لما يرجو من نفع مأمول، وإلاّ فليحتسب أجره على الله .. وها أنا ذا أوجز رؤيتي في التربية في النقاط التالية:

لا بدّ أوّلاً وآخراً من التوكّل على الله تعالى وحده، واستمداد العون والتوفيق منه سبحانه، والتبرّؤ من الحول والقوّة .. ومن يتوكّل على الله فهو حسبه .. إنّ الله بالغ أمره .. ولقد لمست في حياتي بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّني في كلّ موقف أغفل فيه عن هذه الحقيقة المطلقة أوكل إلى نفسي، ويحالفني الإخفاق، وأمنى بالخسارة، وكنت أظنّ أنّ النجاح مؤكّد إلى درجة البداهة .. فلابدّ لنا من عون الله وتوفيقه:
إذا لم يكُن عون من الله للفتَى ... فَأوّلُ مَا يقضي عليه اجتهاده

أولادنا إن صحّ التعبير حقل تجاربنا التربويّة: فما ينفع مع طفل ويجدي قد يكون مفعوله عكسيّاً مع طفل آخر، وما يستجيب له طفل من أوّل مرّة، قد لا يستجيب له طفل آخر إلاّ بعد مرّات ومرّات .. وربّما عجّلت الطبيعة النفسيّة لبعض الأطفال باستعمال آخر الدواء، ولم يحتج إليه طفل آخر على مدى مراحل حياته التربويّة .. وربّما مرّ طفل بمرحلة المراهقة مرور الكرام، وأحدثت في طفل آخر هزّات عنيفة، زلزلت كيانه، وأقلقت من حوله، وتركت آثارها في شخصيّته مدّة طويلة .. فليس الأولاد إذن في مختبر التربية سواء .. ذلك لأنّهم مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، كما جاء في الحَدِيثِ الصحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ».

لا إكراه على ما أريد .. ولكنّني أحاول التدليل على فكرتي بالحوار، والإقناع بها ما استطعت، فإن لم أقدر على الإقناع بما أريد .. فلا خير في الإكراه عليه، ولا جدوى من فرضه .. وليس لي أن أتحمّس له بهذه الصورة .. ونحن نستطيع أنّ نعوّد أطفالنا على فنّ الحوار الراقي، وحسن الاستقبال للآراء ومناقشتها، والإقناع بما نريد منذ نعومة أظفارهم .. فالطفل بفطرته طُلَعة، يحبّ تعليل الأمور وتفسيرها، ومعرفة خفاياها وأسرارها، ولا يحقّ لنا أن ننتقص هذه الفطرة ونهملها، أو نكبتها ونعطّلها ..
لا هوادة في الثوابت، ولا مساومة عليها .. إذ إنّ ثوابت الدين والحياة لا يختلف فيها اثنان من العقلاء، وعندما يحاول الناشئ الخروج عليها وتجاوزها فهذا يعني بداية انحراف خطير، لا يقف به الأمر عند حدّ، فخير لنا وله أن نقطع عليه خطّ الانحراف من أوّله، من أن نتساهل معه، ونحن نعلم أنّ العاقبة غير حميدة ..

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1028
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست