responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 764
اعتنوا بألفاظ كلام العرب وشعرهم لما ينبنى عليه من النحو لكان معناه أن الرواة لم يعتنوا إلا بعد أن بدأ تدوين القواعد النحوية ثم مضت مدة بدأ ينضج فيها واحتاجوا فيها إلى الاحتجاج بأشعار العرب وأيضا فقد كان العلماء فى أول الأمر يذمونه بأنه علم الموالى ويترفعون عنه فقد مضى أكثر الفترة التى يحتج فيها بكلام العرب وأشعارهم فليت شعرى متى تم الاهتمام بأشعار العرب وألفاظها لما ينبنى عليها من النحو وتم إهمال الأحاديث الصحيحة لأنها تروى بالمعنى ولأنها - بزعمهم - لا ينبى عليها شيئا من النحو، فإذا قال الأعرابى الجلف السفيه الذى يبول على عقبيه قولا حفظوه ودونوه كما هو دون أن يخرموا منه حرفا وإن قال مجهول قصيدة حفظوها كما يحفظون القرآن ولو زادت على مائة بيت دون تغيير أو تحريف أو تصحيف، أما إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا لم يبالوا به لاحتمال روايته بالمعنى ولعدم تعلق القواعد النحوية بالحديث الشريف، وكأن الذين ذهبوا هذا المذهب العجيب فى رد الاستدلال بالحديث النبوى الشريف على القواعد اللغوية لم يسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم:" نضر الله امرءًا سمع مقالتى فوعاها فأداها كما سمعها " وكأن الله - عز وجل - تكفل بحفظ كلام أجلاف العرب وسفهائهم وترك حفظ السنة للرواة ليغيروا ويبدلوا فيها ويروونها بالمعنى كيفما يشاؤون وكأن حفظ السنة ليس حفظا للقرآن إذ هى المفسرة والمبينة له، وكأن الذاهب هذا المذهب لم يمر عليه شئ من شدة اعتناء العلماء بلفظ الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة فمن بعدهم فمن ذلك مثلا:
- في حديث البراء بن عازب قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به. قال: فردَّدتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت (اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت) قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت» [رواه البخارى]
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ... الحديث وفى آخره " فَيُقَالُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ وَأَبُو سَعِيدٍ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ ... الحديث
وهو حديث صحيح متفق عليه وهذا لفظ أحمد وفى لفظ عند البخارى:" قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله " قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله:" لك ذلك ومثله معه " قال أبو سعيد إني سمعته يقول:" ذلك لك وعشرة أمثاله " وفى لفظ آخر عند البخارى أيضا:قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله تبارك وتعالى قال:" ذلك لك ومثله معه " قال أبو سعيد الخدري: وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة. قال أبو هريرة: ما حفظت إلا قوله:" ذلك لك ومثله معه " قال أبو سعيد الخدري: أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:" ذلك لك وعشرة أمثاله " قال أبو هريرة: فذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة.
فخبرنى بربك أنى تجد مثل هذا الاعتناء باللفظ وضبطه فى أشعار العرب وألفاظها، وإن كان لهم اعتناء فى الجملة بأقوال العرب من باب اعتنائهم بالأدب ورواية الأشعار وحفظ تاريخهم ولكن هذا لا يمكن أن يقارن باعتناء العلماء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتشدد فى نقل لفظه كما سمعوه.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 764
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست