نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 458
مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ .. الحديث، وقد ورد بلفظ آخر في الصحيحين هو: المَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُم ملاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ .. ، وعليه فلا إشكال من أصله، ومعنى يتعاقبونَ: تأتي طائفة بعد الأخرى ثم تعود الأولى عقب الثانية، وكذا شذ ما ورد في صحيح البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله لورقة بن نوفل: (أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ) والأكثر أن يقال: أَوَ مُخْرِجِي هُم، بياء واحدة، وأصل: مُخْرِجِيَّ، هو مُخْرِجُونَ اسم فاعل مجموع جمع مذكر سالما، ثم ألحق به ياء الإضافة فسقطت النون وصار: مُخْرِجُوي، وهنالك قاعدة صرفية تقول: إذا اجتمعت الواو والياء وكانت السابقة منهما ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمتا. فصار مُخْرِجِيَّ وكسرت الجيم لتناسب الياء، ويكون الإعراب على هذه اللغة القليلة يتعاقبونَ: فعل مضارع والواو علامة الجمع، وملائكةٌ: فاعل، ومُخْرِجِيَّ: مبتدأ والواو المنقلبة إلى ياء علامة للجمع، وهُمْ: فاعل سد مسد الخبر.
(وتَلحَقُهُ علامةُ تأنيثٍ إنْ كانَ مؤنثًا كقامَتْ هندُ، وطَلَعَتِ الشمسُ) التأنيث الأول واجب لأنه حقيقي التأنيث والثاني جائز لأنه مجازي (ويجوزُ الوجهانِ) أي إلحاق العامل علامة التأنيث وعدمه في أربعة مسائل: أحدها (في مجازيِّ التأنيثِ) نحو طلعتِ الشمسُ، وطلعَ الشمسُ (الظاهرِ) أي إذا كان الفاعل اسما ظاهرا بخلافه في مجازي التأنيث المستتر فيجب إلحاقه علامة التأنيث نحو الشمسُ طلعتْ، ولا يصح أن تقول: الشمس طلعَ (نحو) قوله تعالى (قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُم) وفي آية أخرى (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) (و) ثانيها (في الحقيقيِّ المنفصلِ) عن عامله بغير إلا نحو (حَضَرَتِ القاضيَ امرأةٌ) ويجوز حضرَ، وأما المتصل في الحقيقي التأنيث فتجب فيه التاء نحو حضرت امرأةٌ القاضيَ (و) ثالثها في الفاعل الحقيقي (المتَّصلِ في بابِ نِعْمَ وبِئْسَ نحوُ نِعْمَتِ المرأةُ هندُ) فإنه يجوز في نِعْمَ وبِئْسَ الوجهان رغم عدم الانفصال فيهما، فتقول: نِعْمَتِ المرأةُ هندُ، ويجوز: نِعْمَ المرأةُ هندُ، وبِئْسَتِ المرأةُ ليلى، وبِئْسَ المرأةُ ليلى، وأراد ببابهما ما حمل من الألفاظ عليهما نحو: سَاء فإنه في معنى بِئْسَ تقول: سَاءَ الرجلُ زيدٌ، وساءَت المرأةُ ليلى، ويجوز: ساءَ المرأةُ ليلى بمعنى بِئْسَ.
(وفي الجمعِ نحو: قَالَتِ الْأَعْرَابُ إلا جمعَي التصحيحِ فكمفرَدَيْهِما نحو: قامَ الزيدونَ، وقامتِ الهنداتُ) يقصد أن الفاعل إذا كان جمع تكسير سواء أكان لمذكر أو لمؤنث يجوز في فعله الوجهان، نحو: جاءَ الرجال، وجاءت الرجال، وجاءَ العذارى، وجاءت العذارى، ومنه قوله تعالى: قالت الأعراب، وأما إذا كان الفاعل جمع مذكر سالم أو جمع مؤنث سالم فكمفرديهما فتقول: قامَ الزيدونَ بالتذكير لا غير كما تقول: جاءَ زيدٌ، وقامتِ الهنداتُ بالتأنيث لا غير كما تقول: قامت هندُ.
(وإنما امتنعَ في النثرِ: ما قامتْ إلا هندُ؛ لأنَّ الفاعلَ مذكرٌ محذوفٌ) هذا جواب عن سؤال مقدر وهو قد مرَّ أن الفاعل الحقيقي المنفصل يجوز فيه الوجهان نحو: حضرتِ القاضيَ امرأةٌ، فلمَ منعَ النحاة التأنيث في: ما قامتْ إلا هندُ؟
والجواب: إنما امتنع ما قامتْ إلا هندُ وأوجبوا أن يقال: ما قامَ إلا هندُ؛ لأن الفاعل في الحقيقية مذكر محذوف والتقدير: ما قامَ أحدٌ إلا هندُ، ولكن الامتناع خاص في النثر أما في الشعر فيجوز التأنيث كقول الشاعر: مَا بَرِئَتْ مِنْ رِيبَةٍ وَذَمٍّ ... في حربِنا إلا بناتُ العَمِّ، أما في النثر فيجب أن نقول ما برِئ إلا بناتُ العم، لأن الفاعل في الحقيقة مذكر محذوف والتقدير ما برئ أحدٌ إلا بناتُ العمِّ، وهذا هو الموطن الأول من مواطن حذف الفاعل، وأشار إلى بقية المواطن بقوله (كحذفِهِ) أي الفاعل (في نحوِ: أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) أي في المصدر وهو إطعام فقد نصب مفعولا به وهو يتيما وفاعله محذوف تقديره إطعامُهُ (و) كقوله تعالى (قُضِيَ الْأَمْرُ) أي في نائب الفاعل والأصل: قَضَى اللهُ الأمرَ (و) كقوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) أي في فاعل أفْعِلْ للتعجب والتقدير أَسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ بِهِمْ، فالباء حرف جر زائد: وهم في محل رفع فاعل.
(ويمتنعُ في غَيْرِهِنَّ) أي يمتنع حذف الفاعل في غير هذه المواطن الأربعة.