نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 278
الثاني - جمل لا محل لها من الإعراب كالجملة الدعائية والجملة المعترضة والجملة الاستئنافية الخ نحو قولك: (الحمد لله رب العالمين) فهذه جملة دعائية لا محل لها من الإعراب.
إذا علمت هذا علمت أن الجُمَلَ تُعْرَبُ كما يُعرَبُ الاسم المفرد فيقال: الجملة من المبتدإ والخبر أو من الفعل والفاعل في محل رفع خبر أو صفة الخ أو في محل نصب حال أو صفة الخ وهكذا أو يقال: لا محل لها من الإعراب.
فإذا كانت الجملة المراد إعرابها من الجمل التي لها محل من الإعراب فإنها تؤول بمفرد.
وهنا قال المصنف: "هذه ورقات تشتمل" فـ (تشتمل) جملة من فعل مضارع (تشتمل) وفاعل مستتر جوازا تقديره (هي) فتؤول بمفرد تقديره (مشتملة)، وهنا أربع أسئلة على هذه الجملة:
الأول - هل هذه الجملة لها محل من الإعراب أو لا؟
الثاني - إذا كان لها محل من الإعراب فما هو؟
الثالث - لماذا استحقت هذا المحل الإعرابي؟
الرابع - إذا لم يكن لها محل من الإعراب فبيِّنْ لماذا؟
الجواب عن الأول:
هذه الجملة تحتمل أن يكون لها محل من الإعراب وتحتمل ألا يكون لها محل،
الجواب عن الثاني:
محلها (الرفع) إذا كان لها محل من الإعراب
الجواب عن الثالث:
إنما كان محلها الرفع لأنها لا تخلو: إما أن تكون صفة للخبر (ورقات) وهو مرفوع وصفة المرفوع مرفوعة، أو تكونَ خبرا ثانيا للمبتدإ (هذه) والخبر مرفوع. وعلى كلا الاحتماليْن تؤول جملة (تشتمل هي) بمفرد تقديره (مشتملة) فعلى أنها صفة للخبر (ورقات) يكون التقدير: (هذه ورقات مشتملة) فـ (هذه ورقات) مبتدأ وخبر، و (مشتملة) صفة للخبر (ورقات) مرفوعة مثله.
وعلى أنها خبر ثان للمبتدإ (هذه) يكون التقدير: (هذه مشتملة) أي: المشار إليها مشتملة، ولكن هل هناك فرق بين الإعرابين في المعنى؟
الجواب: نعم، هناك فرق بينهما بيانه كالآتي:
من المعلوم أن الخبر ركن من أركان الجملة، محكوم به على المبتدإ فإذا قلت: (محمد مجتهد) فقد حكمت على محمد بالاجتهاد، أما الصفة فهي من التوابع، وفرق كبير بين الركن والتابع.
إذا علمت ما سبق تبين لك الفرق في المعنى جَلِيًّا بينهما؛ وذلك أن المراد على كلا التقديرين: أن المبتدأ (هذه) محكوم عليه (بالاشتمال) لكن إن جعلت جملة (تشتمل هي) صفة لـ (ورقات) كان الحكم (بالاشتمال) على المبتدإ (هذه) بطريق التبع يعني أنه يمكن طرحه أو الاستغناء عنه لأنه تابع وليس ركنا فيكون المقصود الأعظم هنا هو الحكم على المبتدإ (هذه) بأنه (ورقات) فقط ثم بعد ذلك يمكنك أن تزيد في المعنى بأن (الورقات) تشتمل على كذا كما يمكنك طرح هذه الزيادة الدالَّةِ على الاشتمال لأنها ليست مقصودة لذاتها بل تابعة لغيرها.
أما إذا جعلت جملة (تشتمل هي) خبرا ثانيا للمبتدإ (هذه) كان ركنا من أركان الجملة، مقصودا لذاته، أي أن الحكم على المبتدإ (بالاشتمال) كان بطريق القصد لا بطريق التبع أي أن الحكم على المبتدإ (بالاشتمال) صار كالحكم عليه بأنه (ورقات) لا يمكن الاستغناء عن أيٍّ منهما لأنه مقصود لذاته؛ فلهذا اختار هذا الوجه كبار العلماء كالحطاب المالكي في (قرة العين) وابن قاوان وابن إمام الكاملية وغيرهم كما سبق بيانه.
وبقي في هذه النقطة أن يقال: إن الجملة إذا وقعت خبرا أو صفة فلابد أن تشتمل على ضمير يعود على المبتدإ أو الموصوف يربطها به وإلا كانت أجنبية عنه ويظهر هذا بالمثال الآتي:
إذا قلت: (زَيْدٌ وَقَعَ سَقْفُ الْبَيْتِ) فجملة (وَقَعَ سَقْفُ الْبَيْتِ) ليس فيها ضمير يعود على (زيد) فهي أجنبية عنه؛ فلهذا لا يصح أن تُعْرَبَ خبرا لـ (زيد) ولا صفة له لعدم وجود الرابط أما إذا قلت: (زَيْدٌ وَقَعَ سَقْفُ بَيْتِهِ) فقد أتيت بالضمير الرابط لجملة (وَقَعَ سَقْفُ بَيْتِهِ) بـ (زَيْد) فلهذا يمكنك إعرابها خبرا عن (زيد) ولو قلت: (رَجُلٌ وَقَعَ سَقْفُ بَيْتِه) جاز أن تعربها صفة لـ (رجل)
الجواب عن الرابع:
أن جملة (تشتمل هي) يمكن أن تكون لا محل لها من الإعراب إذا جعلتها استئنافية أي أن ما سبق (هذه ورقات) كلام تام ثم تستأنف كلاما جديدا بعده فتقول: (تشتمل على كذا) وهذا الوجه جوَّزَه مَنْ سبق في المنازعة السابقة، فتأمل.
وقد أطلت في الجواب ليتضح المراد، فأرجو أن يكون كذلك.
هذا، والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم