نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1527
وقالت العربُ أيضًا: (جرَى إليه وله)، و (عادَ إليه وله)، و (ساقَه إليه وله)، وغيرَ ذلكَ من مَّا يطابِقُ معنَاه هذا المعنَى، كقولك: (ذهبت إليه وله). فتعدِّيه بـ (إلى)، لأنَّ (الذهابَ) لا بُدَّ له من غايةٍ ينتهي إليها، وتعدِّيه باللامِ، لأنَّ من كانَ هو غايتَك التي تريدُ بلوغَها فإنَّ ذهابَك إنما كانَ لأجلِه. فمن هذا الوجهِ جازَ أن يتعدَّى باللام الدالَّة على التعليلِ. وليس بصوابٍ قولُ من جعلَ من معاني اللام الدلالةَ على انتهاء الغايةِ، فإنَّه ليس معانيها هذا المعنَى عندَ التأمُّلِ. فأمَّا وقوعُها في المواضعِ التي أوردتُّ موقعَ (إلى)، فليسَ لأنها بمعناها، وإنما ذلكَ لأنَّ الغايةَ عِلَّة لوقوعِ الفعلِ كما تقدَّم بيانُه.
ولقد أحسنتَ الإبانة عن معاني الحروف إذ كانت معاني حروف الصفات أو الجر يعاقب بعضها بعضا. ولأبي جعفر كلام في هذا حسن فقال رادا على من زعم أن " من " في كلام العرب قد تأتي بمعنى " الكاف " قال: ولسنا نعرف في كلام العرب " من " بمعنى " الكاف " لأن " من " تدخل في كلامهم بمعنى التبعيض، و " الكاف " بمعنى التشبيه. وإنما يوضع حرفٌ مكان آخر غيره، إذا تقارب معنياهما. فأما إذا اختلفت معانيهما، فغير موجود في كلامهم وضع أحدهما عقيب الآخر. وكتاب الله وتنزيله أحرى الكلام أن يُجنّب ما خرج عن المفهوم والغاية في الفصاحة من كلام من نزل بلسانه. [التفسير 9: 552]
ويقول في موضعٍ آخر وهو شبيه بذلك وإن اختلفتْ وجوه الكلام: لكلّ حرفٍ من حروف المعاني وجهٌ هو به أولى من غيره، فلا يصلح تحويل ذلك عنه إلى غيره إلا بحجة يجبُ التسليم لها. ولـ " إلى " في كل موضع دخلتْ من الكلام حكم، وغير جائزٍ سلبها معانيَها في أماكنها. [التفسير 1: 299]
وكما ذكر أبو قصي فإنّ حروف المعاني إذا دخلت في الكلام غيرت معاني الأفعال ومن ذلك ما جاء في المفضليات في قول متمم بن نويرة:
لو كان سيفي باليمين ضربتها ** عني ولم أوكل وجنبي الأضيعُ
فلأجل هذا الحرف ضمن الفعل وهو " الضرب " معنى الإبعاد إذ كان ذلك معنى من معانيه، وقد وجدتُ لهذا ما يؤيّده من كلام أبي جعفرٍ عن بعض الكوفيين عند قوله تعالى: {وإذا خلو إلى شياطينهم} قال: وأما بعض نحويي اهل الكوفة، فإنه كان يتأول أن ذلك بمعنى: وإذا لقوا الذين آمنو قالو آمنا، وإذا صرفوا خلاءهم إلى شياطينهم - فيزعم أنّ الجالبَ لإلى المعنى الذي دلّ عليه الكلام: من انصراف المنافقين عن لقاء المؤمنين إلى شياطينهم خالين بهم، لا قوله " خلوا ". [التفسير 1: 299]
وقد رجح أبو جعفرٍ هذا في معنى الآية.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[03 - 05 - 2010, 12:21 م]ـ
الأستاذان الجليلان،
منصور مهران
أبا سهل
بوركتُما، وبوركت مشاركتُكما.
ـ[حرف]ــــــــ[03 - 05 - 2010, 11:50 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا قصي على هذه الفوائد الفرائد.