نام کتاب : أبو هريرة راوية الإسلام نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 85
بل آثر أنْ يأكل الجوع بطنه من أنْ يأكل هو فتات الموائد، وفضلات الطعام، وفي عسره كله كان ضيف الإسلام وضيف رسول الله وصحبه، حتى إذا ما يسَّر الله عليه لم يجعله غناه قاسي القلب، تحجِّر الفؤاد، بل كان علماً من أعلام الجود والكرم.
كان أبو هريرة طيِّب الأخلاق، صافي السريرة، يحب الخير، حتى أنه تصدَّق بدار له في المدينة على مواليه [3]!!.
ويكفيه من الكرم أنْ يتصدَّق بكل ما تيسَّر له، ويظهر هذا فيما يرويه لنا كاتب مروان بن الحكم، قال: بَعَثَ مَرْوَانُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا كَانَ الغَدُ بَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي غَلَطْتُ، وَلَمْ أُرِدْكَ بِهَا، وَإِنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ غَيْرَكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «قَدْ أَخْرَجْتُهَا، فَإِذَا خَرَجَ عَطَائِي فَخُذْهَا مِنْهُ -». وَكَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا - وَإِنَّمَا أَرَادَ مَرْوَانُ اخْتِبَارَهُ [4]!!.
ذلكم أبو هريرة في فقره وغناه، في عسره ويسره، كان يفعل كل هذا لا يريد جزاءً ولا شُكُوراً، يبتغي وجه الله بعمله، وكان على ذلك منذ أيامه الأولى في الإسلام، فيوم هاجر مسلماً إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المدينة، كان له غلام قد أبق منه، ولقي أبو هريرة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأعلن إسلامه، وإذا بغلامه يأتي، فيقول
(1) " سير أعلام النبلاء ": ص 428، جـ 2. و " تاريخ الإسلام ": ص 336، جـ 2.
(2) " تاريخ الإسلام ": ص 337، جـ 2. و " حلية الأولياء ": ص 383، جـ 1. و " سير أعلام النبلاء ": ص 438، جـ 2. وأبو عثمان هذا هو عبد الرحمن بن علي بن عمرو بن عدي سَكَنَ الكوفة، أسلم على عهد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يلقه، وهو ثقة صالح، توفي سنة (95 هـ) وقيل غير ذلك. راجع " تهذيب التهذيب ": ص 276، جـ 6.
(3) " طبقات ابن سعد ": 4 " 2/ 63. و " سير أعلام النبلاء ": ص 423، جـ 2.
(4) " البداية والنهاية ": ص 114، جـ 8.
نام کتاب : أبو هريرة راوية الإسلام نویسنده : الخطيب، محمد عجاج جلد : 1 صفحه : 85