الأسس المنهجية التي تقوم عليها الدَّعوة إلى الله
تمهيد:
إنَّ الدَّعوة إلى الله أمرٌ إلهيٌّ، وشأنٌ ربَّانيٌّ، صاغته يدُ القدرة صياغةً فريدةً متميِّزةُ:
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل:88].
فالإنسان أثرٌ من آثار قدرة الله، وأحدُ دلائل الإحكام والإبداع والإتقان، قال تعالى:
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}.
وقال جل شأنه:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16].
هذا الإنسان، قد أودع الله بين حنايا جسده وثنايا قلبه ونفسه، دوافع الخير ونوازع الشر، ومتطلَّبات الرُّوح ورغبات الجسد، كما أنَّه من دلائل الإعجاز وآيات الخلق والتَّكوين ممَّا تخفى حكمته عن الخلق، ويستعصى سرُّه عن الفهم أنَّ الله جلت حكمته، قد جعل للشيطان طريقاً إلى بني آدم، يُزيِّن لهم المعاصي ويوسوس لهم بالمحرَّمات، فلا ينجو أحدٌ من كيده، ولا يفرُّ إنسانٌ من مكره، إلا المتَّقين من عباد الرَّحمن.
هذا الإنسان، بهذا التَّكوين، وبما يحمله داخل جسده ونفسه، لم يتركه الله في هذه الحياة وحيداً فريداً، تتخطَّفه شياطين الإنس والجنِّ، ولم يدفع به إلى الأرض تائهاً حيرانَ، تتخبَّطُه العقائد الباطلة والنِّحَلُ الفاسدة، وإنَّما وُضع له من خلال الرُّسل المرسلة، والكتب المنزلة، المنهجُ الذي يصونه ويحفظه ويرعاه ويحول بينه