الجازم لما تضمنته من ذلك، وأن يقوم الإنسان بالعمل بما اعتقده، وبهذا يكون العبد المسلم مسلمًا حقًّا، ويكون بهذا أيضًا من أهل لا إله إلا الله.
وقد تضمنت هذه الكلمة العظيمة أن ما سوى الله ليس بإله، وأن إلهية ما سواه أبطل الباطل، وإثباتها أظلم الظلم ومنتهى الضلال، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (الأحقاف: 5، 6).
وقال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (الحج: 62).
إن للا إله إلا لله مدلولًا لا بد من فهمه، ومعنًى لا بد من ضبطه؛ إذ غير نافعٍ بإجماع أهل العلم النطق بها من غير فهمٍ لمعناها ولا عملٍ بما تقتضيه، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (الزخرف: 86) ومعنى الآية -كما قال أهل التفسير- أي: إلا من شهد بلا إله إلا الله، وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم؛ إذ أن الشهادة تقتضي العلم بالمشهود به، فلو كانت عن جهلٍ لم تكن شهادة، وتقتضي الصدق، وتقتضي العمل بذلك، وبهذا يتبين أنه لا بد في هذه الكلمة من العلم بها مع العمل والصدق، فبالعلم ينجو العبد من طريقة النصارى الذين يعملون بلا علم، وبالعمل ينجو من طريق اليهود الذين يعلمون ولا يعملون، وبالصدق ينجو من طريقة المنافقين الذين يُظهِرون ما لا يبطنون، ويكون بذلك من أهل صراط الله المستقيم من الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
والحاصل: أن لا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفيًا وإثباتًا واعتقد ذلك وعمل بها، أما من قالها وعمل بها ظاهرًا من غير اعتقادٍ فهو المنافق، وأما