responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 234
بحقيقة ما هم عليه - وأنهم في دين الملك لا في دين اللّه - قد تهزهم هزة تخرجهم من الجاهلية إلى الإسلام، ومن دين الملك إلى دين اللّه! كذلك فعل الرسل - عليهم صلوات اللّه وسلامه - وكذلك ينبغي أن يفعل الدعاة إلى اللّه في مواجهة الجاهلية في كل زمان ومكان .. (1)
إن إخلاص الدين للّه، وتقرير عبودية البشر له، إن هي إلا فرع من إسلام الوجود كله، وعبودية الوجود كله لسلطانه .. وهذا هو الإيحاء الذي يستهدف المنهج القرآني تقريره وتعميقه في القلب البشري .. وأيما قلب أو عقل يتجه بوعي ويقظة إلى هذا الكون ونواميسه المستسرة، وظواهره الناطقة بتلك النواميس المستسرة ..
لا بد يستشعر تأثيرا لا يرد سلطانه ولا بد يهتز من أعماقه بالشعور القاهر بوجود المدبر المقدر صاحب الخلق والأمر .. وهذه هي الخطوة الأولى لدفع هذا القلب إلى الاستجابة لداعي اللّه والاستسلام لسلطانه الذي يستسلم له هذا الوجود كله ولا يتخطاه. ومن ثم يتخذ المنهج القرآني من هذا الوجود مجاله الأول لتجلية حقيقة الألوهية وتعبيد البشر لربهم وحده، وإشعار قلوبهم وكيانهم كله حقيقة العبودية، وتذوق طعمها الحقيقي في استسلام الواثق المطمئن الذي يستشعر أن كل ما حوله وكل من حوله من خلق اللّه، يتجاوب وإياه! إنه ليس البرهان العقلي وحده هو الذي يستهدفه المنهج القرآني باستعراض عبودية الوجود للّه، وتسخيره بأمره، واستسلام هذا الوجود في طواعية ويسر ودقة وعمق لأمره وحكمه .. إنما هو مذاق آخر - وراء البرهان العقلي ومع هذا البرهان العقلي - مذاق المشاركة مع الوجود والتجاوب. ومذاق الطمأنينة واليسر والانسياق مع موكب الإيمان الشامل.
إنه مذاق العبودية الراضية، التي لا يسوقها القسر، ولا يحركها القهر .. إنما تحركها - قبل الأمر والتكليف - عاطفة الود والطمأنينة والتناسق مع الوجود كله .. فلا تفكر في التهرب من الأمر، ولا التفلت من القهر لأنها إنما تلبي حاجتها الفطرية في الاستسلام الجميل

(1) - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 2656]
نام کتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 234
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست