فتذهب أدراج الرياح، وما أحسن ما قاله الأديب الدكتور إحسان عباس [1] عندما قال:
((فاتحني عدد غير قليل من الأصدقاء في أن أكتب سيرتي الذاتية، فأخذ اقتراحهم يمثل هاجساً يدور في نفسي ويستثير ذاكرتي، ولذا توجهت إلى أخي بكر عباس أسأله رأيه في الأمر، فكان جوابه المباشر أن قال: لا أنصحك بذلك؛ لأن حياتك تخلو أو تكاد من أحداث بارزة تثير اهتمام القارئ وتطلعاته، كان ما قاله أخي وصديقي بكر صحيحاً، فأنا أعرف أنني لم أشارك في أحداث سياسية، ولم أتولّ مناصب إدارية، ولم أكن عضواً في حزب، ولم أكن مسؤولاً عن مشروعات اقتصادية، إلى آخر ما هنالك من نشاطات تعرِّض الفرد للمسؤوليات الاجتماعية والوظيفية، وعلى الرغم من ذلك كله وجدتني أميل إلى كتابة سيرتي - ومنهجي فيها التزام الصدق فيما أسرده- لا لأن ما أكتبه تاريخ مهم، بل لأنه يمثل تجربة إنسان حاول في كل خطواته أن يخلص للعلم بصدق ومحبة ... )) [2].
هذا وهناك بعضٌ من الناس لا ترقى ذكرياتهم إلى أن تنشر على الناس لخصوصيتها المطلقة أو لضعفها النسبي أو [1] أحد المحققين الكبار للتراث، وهو مشهور في الأوساط الأدبية، معاصر، باق. [2] ((غربة الراعي)): 5 - 6.