((كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة يتعلم منه)) [1]، فلتتصور هذا أيها القارئ ولتعجب طويلاً من أولئك العظماء.
وهذا مهدي بن حسان [2] يقول:
((كان عبد الرحمن بن مهدي [3] يكون عند سفيان [4] عشرة أيام وخمسة عشر يوماً بالليل والنهار، فإذا جاءنا ساعة جاء رسول سفيان في أثره يطلبه، فيدعنا ويذهب إليه)) [5] فهذا حرص عظيم من الطالب والأستاذ معاً رحمهما الله تعالى.
وكان العلماء يعرفون أهمية هذا الأمر، فربما خصُّوا بعض طلبتهم بوراثة علمهم أو أن الطالب قد نبغ بين طلاب شيخه فعرف وخُصّ به؛ وهذا كان حال جماعة من السلف والخلف رحمهم الله تعالى، أذكر منهم: [1] ((نزهة الفضلاء)): 2/ 736. [2] هذا والد عبد الرحمن بن مهدي، الآتية ترجمته. [3] عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري الأزدي بالولاء البصري اللؤلؤي. ولد سنة 135، وكان إماما حجة قدوة في العلم والعمل. توفي بالبصرة سنة 198 رحمة الله تعالى انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): 9/ 192 - 209. [4] سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، إمام الحفاظ، وسيد العلماء العاملين في زمانه. توفي سنة161 رحمه الله تعالى عن أربع وستين سنة. انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)): 7/ 229 - 279. [5] ((نزهة الفضلاء)) 2/ 817 - 818.