نام کتاب : الجزائر الثائرة نویسنده : الفضيل الورتلاني جلد : 1 صفحه : 47
ومع ذلك فإنك لا تستطيع أن تستثنيهم من التفاصيل والجزئيات، التي كان يجب أن يكونوا كمسؤولين عارفين بدقائقها. مثال ذلك أن تجد من بين أولئك المسؤولين، من يحسب أن السودانيين ليسوا عربا بل هم برابرة من الجنس الإفريقي القديم، لذلك يتساءل: ما شأنهم وشأن مصر حتى يتحدوا معها؟ كل ذلك لأنه رأى بعض البوابين النوبيين في بنايات مصر، سمر الألوان، أو سودها وقد يرطنون بلغة محلية نوبية، فظن أن أمة السودان كلها برابرة، لا يمكن أن يتحدوا مع مصر العربية المتحضرة .. وقد كان أكثر باشاوات مصر أنفسهم يجهلون حقيقة السودان والسودانيين، وهم الذين غرسوا النفور والحذر في نفوس هؤلاء الأمجاد باحتقارهم والترفع عليهم، الأمر الذي أدى في النهاية إلى كارثة الإنفصال رغم ما بذل من جهود جبارة لعلاج سياسة الماضي وإصلاحها، والتبعة الكبرى عندي تقع على أولئك الذين فرطوا في آداء رسالة التعارف بين الشعبين كاملة منذ عشرات السنين، إذ قديما قالوا: لا يصلح العطار ما أفسده الدهر، وإلا فالسودانيون إخوان المصريين بلا ريب.
وأشهد ويشهد العارفون معي بأن أبناء السودان أقرب إلى العروبة، أخلاقا وعادات ولهجة وغيرة، من أكثر المجموعات العربية.
أما حين نصل إلى المغرب العربي وجهل أهل الشرق بأحواله، فهنالك الطامة الكبرى، حتى أن الكثير من إخواننا العرب كانوا حتى الأمس القريب يستكثرون على أبناء هذه البلاد أن تكون ألوانهم بيضاء أو حمراء، لأن الأرض هناك في نظرهم، صحراء محرقة، من وظائفها الطبيعية أن تصبغ البشرة بالسواد أو بالسمرة على الأقل، وكان فيهم من يحسب أن المغاربة كظنهم في السودان برابرة الجنس وما يزالون، وسود البشرة، أعاجم اللغة لا يعرفون من العربية إلا تلاوة بعض سور القرآن من غير فهم، وأن أرضهم لا تزرع ولا تحصد، وليس فيها من أسباب ذلك
نام کتاب : الجزائر الثائرة نویسنده : الفضيل الورتلاني جلد : 1 صفحه : 47