نام کتاب : الجزائر الثائرة نویسنده : الفضيل الورتلاني جلد : 1 صفحه : 387
وكم هي يا ترى نسبة تأييد الشعب للثورة؟ يقول الثائرون: إن النسبة هي 75 بالمائة خلال الثلاثة أشهر المقبلة، لكن لنفرض جدلا، أن نسبة مؤيدي الثورة، إنما هي 50 بالمائة فقط، كما يقول كبار الموظفين الفرنسيين، فالأمر الأهم، هو تفاقم أمر هذه الثورة وانتشارها بصورة مستمرة. فبينما كانت لا تشمل إلا بعض نقط في الأوراس وبلاد القبائل منذ سنة، إذا بنا نرى الآن، أن هذه النقط قد اتسعت وتعددت وامتدت داخل البلاد، وأصبح الخطر محدقا بعدد من الجهات، كما أن الطرقات الكبرى أصبحت غير مأمونة. أما في المدن الكبرى، فالأمن سائد الآن، لكن أمرا ما، يمكن أن يصدر بين يوم وآخر.
إن الثورة تبسط اليوم سلطانها على عدد من الجهات التي يتصل بعضها ببعض. وقد احتفظت في كثير من الجهات بالجهاز الحكومي، وبعض القياد الذين أصبحوا من موظفيها، وأصبحوا مسؤولين أمام "الكوميسار" السياسي الذي يمثل الثورة. أما الضرائب، فإن الشعب يدفعها بسرعة، وبصفة نظامية لهيئة الثورة، وفي بعض الجهات دفع الناس الضرائب النظامية لسنة 1957، أما المحاكم فقد ألغيت، وأصبح "الكوميسار" السياسي مكلفا بالإصلاح بين الناس.
ولقد آمن المستعمرون اليوم بهذه الحقائق. فغلاة الاستعمار في عمالة قسنطينة، الذين كانوا ينادون منذ أشهر قليلة بوجوب التسلح، ليقتل كل منهم تسعة أو عشرة من العرب (لإيجاد النسبة بين العنصرين) هؤلاء الغلاة، قد أصبحوا ينادون اليوم، والألم يحز قلوبهم، وجوب "المفاوضة"، بينما مستعمرو عمالة وهران الذين لم يروا أخطار الثورة إلا مؤخرا. أصبحوا ينادون بوجوب "الانفصال"، وهي كلمة لا يفهم مدلولها، بينما شركات الضمان قد أعلنت أنها لن تضمن أي شيء في المستقبل ضد أعمال الثورة.
إن الثورة يتفاقم أمرها يوما إثر يوم منذ 18 شهرا، ولا يستطيع أي مستعمر أن يستمر على خدمة الأرض، إلا إذا كان كثير الشجاعة. لكن النتيجة ستظهر عند الحصاد المقبل. واليوم أصبح الكثير منهم يفكر في مغادرة الأرض الجزائرية التي
نام کتاب : الجزائر الثائرة نویسنده : الفضيل الورتلاني جلد : 1 صفحه : 387