هل عرفتَ أيها الداعية المحاضر كيف تربط محاضرتك بهدف الإسلام، وهداية الإنسان، ودفع طموحات الجمهور نحو العزة وصناعة الأمجاد؟ إذا عرفتَ ذلك فقم بواجب التطبيق، واحرص على التنفيذ ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ لكونك صاحب رسالة، ورجلَ دعوة، والله -سبحانه وتعالى- يتولى العاملين المخلصين.
وإذا كنا قد سبق أن بينا أن المدرس ينبغي أن يعتمد على الارتجال في درسه، فكذلك الأمر في المحاضرة، على المحاضر أن يعتمد كل الاعتماد على الارتجال؛ ليستطيع الإشراف بنظراته على السامعين، فيحرك اجتذابهم إليه، ويشد أنظارهم إليه، ويثير أشواقهم نحوه، ويقوي ثقتهم به، ويقطع دابر الملل والسأم من نفوسهم، ويستأصل ظاهرة الشرود وتوارد الأفكار من عقولهم، بل تكون شخصية المحاضر أقوى وتعلق الجمهور به أعظم، واستيعاب الحضور منه أشمل وأفضل.
وإذا اضطر الداعية إلى أن يلقي المحاضرة مكتوبة على الورق لسبب من الأسباب، فعليه في هذه الحال أن لا يديم النظر في محاضرته على الورق طويلًا، بل عليه أثناء القراءة أن يبدأ بأول الجملة ونظره في القرطاس، وينتهي منها ونظره إلى السامعين، ويفعل هذا في كل جملة يلقيها. وإذا استطاع أن يأتي بتعبير من عنده في توضيح أو يعتمد على ذاكرته في إيراد شاهد فليفعل؛ من أجل أن يمنع من الجمهور سأمهم، ويحرك على الدوام انتباههم.
فاحرص أيها المحاضر على أن تمارس الارتجال في جميع محاضراتك وخطبك وإرشاداتك؛ ليكون تأثيرك في الناس أقوى، واتصالك بالسامعين أفضلَ، وجذب الجمهور إليك أعظم، والله يتولاك محاضرًا وخطيبًا ومرشدًا ومدرسًا.