أساسيان؛ الأول: علاج موضوعه الخاص، والثاني: إحياء هذه المشاعر القلبية إحياءً ربانيًّا، على أن يكون الغرض الأول مقصودًا لذاته، ومقصودًا كوسيلة للغرض الثاني، ويجب لهذا أن يساق للسامع ما يشعره بأنه مسئول ومحاسب، وبأن عين الله ساهرة تطلع عليه، وتحيط بظاهره وخفي سريرته، وأن الإنسان قادر على أن يجعل ما يدور في هذه السرائر خيرًا محضًا، يرضي الله ويسعد العباد، والسعيد من جعل نفسه ذكية مطهرة.
اجعل ذلك في عنصر واحد إن اقتضاه المقام، أو اجعله شائعًا في العناصر كلها إذا أوجبته المناسبة، أو اجعله في بعض العناصر دون بعض. اخضع في ذلك لذوق الموضوع وذوق عقليتك العملية.
سادسًا: وأرى أن تحدث بينك وبين جمهورك تعارفًا عاطفيًّا قبل أن تبدأ في حديث محاضرتك، فإن مطالعة الجمهور بالموضوع مباشرة يفاجئ مشاعره بأمر لم يتهيأ له. إن المشاعر بيوت مغلقة، وقد نهانا القرآن عن أن ندخل بيوتًا غير بيوتنا حتى نستأنس ونسلم على أهلها، فلا بد من هذا الاستئناس أو التعارف العاطفي، ويكون هذا على صورة استفتاح سهل مبسط، يتناول أمرًا هينًا مما تدركه الأذهان في يسر، بل مما لا يحتاج في إدراكه إلى أقل جهد عقلي، كأن يذكر حادثة خاصة وقعت له، أو رآها وهو في طريقه، أو نبأً قرأه أو سمعه، أو ملاحظة لاحظها في الحفل أو في كلمة خطيب سابق إلى آخر ذلك.
على أن يكون هذا كله ذا صلة بالحفل وبالدعوة التي تعمل لها صلة مباشرة أو غير مباشرة، ثم يعلق على استفتاحه تعليقًا يسيرًا ملونًا بلون المزاح إذا اقتضى المقام المزاح، بلون الاستبشار إذا أوجب المقام إزجاء البشرى، أو بلون آخر من ألوان العواطف والمشاعر التي يقتضيها الحال، فإذا أقبلتْ عليك القلوب