ومنها أن يذكر الداعية من يريد نصحه وتذكيره بخير، ويصفه بالجميل؛ كأن يُبَيّن له ما له من حسب، وما فيه من فضل؛ وما عليه من نعمة؛ ليَجْذِب قلبه إليه، ويعده بذلك لقبول الموعظة، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِين * وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُون} (البقرة: 47، 48).
إعداد الخطيب علميًّا وثقافيًّا
خامسًا: إعداد الخطيب علميًّا وثقافيًّا:
من الصفات الهامة للخطيب التي يَجِبُ أن يَتحلّى بها، ونَعمل على إعداده من خلالها: أن يكون لديه القدر الكبير من العلم والثقافة الواسعة، التي تُدَعّم رسالتها، وتُكسبه وعيًا من مشكلات مجتمعه، وقضايا عصره، وبالواقع المحيط به من جميع نواحيه الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إذ بقدر سعة ثقافة الخطيب والداعية يكون نجاحه في تبليغ رسالة ربه، وتأدية أمانته، ويكون التأثير فيمن حوله أمرًا ملحوظًا؛ فهو إذا ناقشهم أقنعهم، وأثّر فيهم بسعة ثقافته ووعيه؛ وأجابَ على أسئلتهم، وعلى ما يَشْغَلُ بالهم إجابة الواعي الواسع في علمه واطلاعه، وإذا تكلم في أمر من أمور الدين تكلم بلغة العصر الذي يعيشه، وعن وعي بشمولية تعليم الدين ومرونتها، وقدرتها على الاستجابة لمقتضيات الزمان والمكان في كل عصر، وعن وعي بالواقع الذي يعيش فيه ومشكلات هذا الواقع.
من أجل هذا نادى المربون الذين لم يألوا جهدًا في الحث على طلب العلم، والتوسع فيه على مدى الحياة.