صفات الداعية النفسية
ثالثًا: صفات الداعية النفسية:
وهذه الصفات تقوم على أصول ثوابت لا بد منها، وهي: الإيمان:
فمن المعلوم يقينًا أنّ الإيمان بالله الواحد الأحد حين يتغلغل في النفوس، ويُخالط بشاشة القلوب، هو أولُ سِلاحٍ يَتَسّلح به المؤمن الداعية في مواجهة صراع الحياة؛ وفي مُجابهة مغريات الدنيا، سواء أكان الداعية متقهقرًا أو متقدمًا، وسواء أكان مهاجمًا أو مدافعًا، وسواء أكان منتصرًا أو ممتحنًا؛ فبدون الإيمان يبطل كل سلاح، ويبطل كل إعداد وتبطل كل ذخيرة.
وأعني بالإيمان أنْ يعتقد الداعية من قرارة وجدانه: أن الآجال بيد الله، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنّ ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، وأنّ الأُمّة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء، لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإن اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وعلى المؤمن أن يضع نصب عينيه قول الله الحق سبحانه: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون} (التوبة: 51). وعليه أن يردد صباح مساء قول الله -جل جلاله-: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون} (النحل: 61).
فبهذا الاعتقاد وبهذا الشُّعور يتحرر المؤمن من الخوف والجبن والجزع، ويتحلى بالصبر والشجاعة والإقدام؛ كما أعني بالإيمان أيضًا: أنْ يعتقد المؤمن من سويداء قلبه: أنّ الأرزاق بيد الله -عز وجل- وأنّ ما بسطه الله على العبد لم يكن لأحد