نام کتاب : القرآن الكريم في مواجهة الجاهلية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 185
فأما الذي حرمه اللّه حقا، فليس هو الزينة المعتدلة من اللباس، وليس هو الطيب من الطعام والشراب - في غير سرف ولا مخيلة - إنما الذي حرمه اللّه حقا هو الذي يزاولونه فعلا! «قُلْ: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ - ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ - وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ» ..
هذا هو الذي حرمه اللّه. الفواحش من الأعمال المتجاوزة لحدود اللّه. ظاهرة للناس أو خافية. والإثم.
وهو كل معصية للّه على وجه الإجمال. والبغي بغير الحق. وهو الظلم الذي يخالف الحق والعدل - كما بينهما اللّه أيضا - وإشراك ما لم يجعل اللّه به قوة ولا سلطانا مع اللّه - سبحانه - في خصائصه. ومنه هذا الذي كان واقعا في الجاهلية، وهو الواقع في كل جاهلية. من إشراك غير اللّه ليشرع للناس ويزاول خصائص الألوهية. وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون. كالذي كانوا يقولونه من التحليل والتحريم. ومن نسبتهم هذا إلى أمر اللّه بغير علم ولا يقين ..
ومن عجيب ما روي من حال المشركين الذين خوطبوا بهذه الآيات أول مرة ووجه إليهم هذا الاستنكار الوارد في قوله تعالى: «قُلْ: مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ .. » ما رواه الكلبي قال: «لما لبس المسلمون الثياب، وطافوا بالبيت عيرهم المشركون بها .. فنزلت الآية .. » (1)
فانظر كيف تصنع الجاهلية بأهلها! ناس يطوفون ببيت اللّه عرايا فسدت فطرتهم وانحرفت عن الفطرة السليمة التي يحكيها القرآن الكريم عن آدم وحواء في الجنة: «فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ» .. فإذا رأوا المسلمين يطوفون بالبيت مكسوين، في زينة اللّه التي أنعم بها على البشر لإرادته بهم الكرامة والستر ولتنمو فيهم خصائص فطرتهم الإنسانية في سلامتها وجمالها الفطري، وليتميزوا عن العري الحيواني .. الجسمي والنفسي .. إذا رأوا المسلمين يطوفون ببيت اللّه في زينة اللّه وفق فطرة
(1) - تفسير القرطبي ـ موافق للمطبوع - (7/ 200)
قلت: الكلبي متهم فلا يوثق بما تفرد به
نام کتاب : القرآن الكريم في مواجهة الجاهلية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 185