نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 99
الاهتمامات الجانبية الهزيلة .. إنهم يفرغون الطاقة العقدية الباقية في نفوس الناس في هذه الاهتمامات الجانبية الهزيلة .. إنهم يؤدون شهادة ضمنية لهذه الأوضاع الجاهلية. شهادة بأن هذا الدين قائم فيها، لا ينقصه ليكمل إلا أن تصحح هذه المخالفات. بينما الدين كله متوقف عن «الوجود» أصلا، ما دام لا يتمثل في نظام وأوضاع، الحاكمية فيها للّه وحده من دون العباد.
إن وجود هذا الدين هو وجود حاكمية اللّه. فإذا انتفى هذا الأصل انتفى وجود هذا الدين .. وإن مشكلة هذا الدين في الأرض اليوم، لهي قيام الطواغيت التي تعتدي على ألوهية اللّه، وتغتصب سلطانه، وتجعل لأنفسها حق التشريع بالإباحة والمنع في الأنفس والأموال والأولاد .. وهي هي المشكلة التي كان يواجهها القرآن الكريم بهذا الحشد من المؤثرات والمقررات والبيانات، ويربطها بقضية الألوهية والعبودية، ويجعلها مناط الإيمان أو الكفر، وميزان الجاهلية أو الإسلام.
إن المعركة الحقيقية التي خاضها الإسلام ليقرر «وجوده» لم تكن هي المعركة مع الإلحاد، حتى يكون مجرد «التدين» هو ما يسعى إليه المتحمسون لهذا الدين! ولم تكن هي المعركة مع الفساد الاجتماعي أو الفساد الأخلاقي - فهذه معارك تالية لمعركة «وجود» هذا الدين! .. لقد كانت المعركة الأولى التي خاضها الإسلام ليقرر «وجوده» هي معركة «الحاكمية» وتقرير لمن تكون .. لذلك خاضها وهو في مكة. خاضها وهو ينشئ العقيدة، ولا يتعرض للنظام والشريعة. خاضها ليثبت في الضمير أن الحاكمية للّه وحده لا يدعيها لنفسه مسلم ولا يقر مدعيها على دعواه مسلم .. فلما أن رسخت هذه العقيدة في نفوس العصبة المسلمة في مكة، بسر اللّه لهم مزاولتها الواقعية في المدينة .. فلينظر المتحمسون لهذا الدين ما هم فيه وما يجب أن يكون. بعد أن يدركوا المفهوم الحقيقي لهذا الدين! (1)
وقال تعالى: «قُلْ: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ - ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ - وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ» ..
(1) - في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 1650]
نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 99