نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 57
وهؤلاء العباد المهازيل لا يبلغون أن يضروا اللّه شيئا. والأمر في هذا لا يحتاج إلى بيان. إنما يريد اللّه سبحانه أن يجعل قضية العقيدة قضيته هو وأن يجعل المعركة مع المشركين معركته هو. ويريد أن يرفع عبء هذه العقيدة وعبء هذه المعركة عن عاتق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعاتق المسلمين جملة .. فالذين يسارعون في الكفر يحاربون اللّه، وهم أضعف من أن يضروا اللّه شيئا .. وهم إذن لن يضروا دعوته. ولن يضروا حملة هذه الدعوة. مهما سارعوا في الكفر، ومهما أصابوا أولياء اللّه بالأذى.
إذن لماذا يتركهم اللّه يذهبون ناجين، وينتفشون غالبين، وهم أعداؤه المباشرون؟
لأنه يدبر لهم ما هو أنكى وأخزى! «يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ» ..
يريد لهم أن يستنفدوا رصيدهم كله وأن يحملوا وزرهم كله، وأن يستحقوا عذابهم كله، وأن يمضوا مسارعين في الكفر إلى نهاية الطريق! «وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» ..
ولما ذا يريد اللّه بهم هذه النهاية الفظيعة؟ لأنهم استحقوها بشرائهم الكفر بالإيمان.
«إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» ..
ولقد كان الإيمان في متناول أيديهم. دلائله مبثوثة في صفحات الكون، وفي أعماق الفطرة. وأماراته قائمة في «تصميم» هذا الوجود العجيب، وفي تناسقه وتكامله الغريب، وقائمة كذلك في «تصميم» الفطرة المباشرة، وتجاوبها مع هذا الوجود، وشعورها باليد الصانعة، وبطابع الصنعة البارعة .. ثم إن الدعوة إلى الإيمان - بعد هذا كله - قائمة على لسان الرسل، وقائمة في طبيعة الدعوة وما فيها من تلبية الفطرة، ومن جمال التناسق، ومن صلاحية للحياة والناس ..
أجل كان الإيمان مبذولا لهم، فباعوه واشتروا به الكفر، على علم وعن بينة، ومن هنا استحقوا أن يتركهم اللّه يسارعون في الكفر، ليستنفدوا رصيدهم كله، ولا يستبقوا لهم حظا من ثواب الآخرة. ومن هنا كذلك كانوا أضعف من أن يضروا اللّه شيئا. فهم في ضلالة كاملة ليس معهم من الحق شيء. ولم ينزل اللّه بالضلالة سلطانا ولم يجعل في الباطل قوة. فهم أضعف من أن يضروا أولياء اللّه ودعوته، بهذه القوة الضئيلة الهزيلة، مهما
نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 57