نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 250
«وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ، أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ. إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ. وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».
فمثل من ينقض العهد مثل امرأة حمقاء ملتاثة ضعيفة العزم والرأي، تفتل غزلها ثم تنقضه وتتركه مرة أخرى قطعا منكوثة ومحلولة! وكل جزئية من جزئيات التشبيه تشي بالتحقير والترذيل والتعجيب. وتشوه الأمر في النفوس وتقبحه في القلوب. وهو المقصود. وما يرضى إنسان كريم لنفسه أن يكون مثله كمثل هذه المرأة الضعيفة الإرادة الملتاثة العقل، التي تقضي حياتها فيما لا غناء فيه! وكان بعضهم يبرر لنفسه نقض عهده مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن محمدا ومن معه قلة ضعيفة، بينما قريش كثرة قوية. فنبههم إلى أن هذا ليس مبررا لأن يتخذوا أقسامهم غشا وخديعة فيتخلوا عنها: «تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ» أي بسبب كون أمة أكثر عددا وقوة من أمة. وطلبا للمصلحة مع الأمة الأربى.
ويدخل في مدلول النص أن يكون نقض العهد تحقيقا لما يسمى الآن «مصلحة الدولة» فتعقد دولة معاهدة مع دولة أو مجموعة دول، ثم تنقضها بسبب أن هناك دولة أربى أو مجموعة دول أربى في الصف الآخر، تحقيقا «لمصلحة الدولة»! فالإسلام لا يقر مثل هذا المبرر، ويجزم بالوفاء بالعهد، وعدم اتخاذ الأيمان ذريعة للغش والدخل. ذلك في مقابل أنه لا يقر تعاهدا ولا تعاونا على غير البر والتقوى. ولا يسمح بقيام تعاهد أو تعاون على الإثم والفسوق والعصيان، وأكل حقوق الناس، واستغلال الدول والشعوب .. وعلى هذا الأساس قام بناء الجماعة الإسلامية وبناء الدولة الإسلامية فنعم العالم بالطمأنينة والثقة والنظافة في المعاملات الفردية والدولية يوم كانت قيادة البشرية إلى الإسلام.
والنص هنا يحذر من مثل ذلك المبرر، وينبه إلى أن قيام مثل هذه الحالة: «أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ» هو ابتلاء من اللّه لهم ليمتحن إرادتهم ووفاءهم وكرامتهم على أنفسهم وتحرجهم من نقض العهد الذي أشهدوا اللّه عليه: «إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ» ..
نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 250