نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 190
عَظِيمٍ. قالُوا: سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ. إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ. وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ»! .. (الشعراء:123 - 138)
فهؤلاء العتاة الجبارون الذين يبطشون بلا رحمة والذين أبطرتهم النعمة والذين يقيمون المصانع يرجون من ورائها الامتداد والخلود! .. هؤلاء هم الذين واجههم هود - عليه السلام - هذه المواجهة. في شجاعة المؤمن واستعلائه وثقته واطمئنانه وفاصلهم هذه المفاصلة الحاسمة الكاملة - وهم قومه - وتحداهم أن يكيدوه بلا إمهال. وأن يفعلوا ما في وسعهم فلا يباليهم بحال! لقد وقف هود - عليه السلام - هذه الوقفة الباهرة، بعد ما بذل لقومه من النصح ما يملك وبعد أن تودد إليهم وهو يدعوهم غاية التودد .. ثم تبين له عنادهم وإصرارهم على محادة اللّه وعلى الاستهتار بالوعيد والجرأة على اللّه ..
لقد وقف هود - عليه السلام - هذه الوقفة الباهرة لأنه يجد حقيقة ربه في نفسه، فيوقن أن أولئك الجبارين العتاة المتمتعين المتبطرين إنما هم من الدواب! وهو مستيقن أنه ما من دابة إلا وربه آخذ بناصيتها ففيم يحفل إذن هؤلاء الدواب؟! وأن ربه هو الذي استخلفهم في الأرض، وأعطاهم ما أعطاهم من نعمة ومال وقوة وبنين وقدرة على التصنيع والتعدين! للابتلاء لا لمطلق العطاء. وأن ربه يملك أن يذهب بهم ويستخلف غيرهم إذا شاء، ولا يضرونه شيئا، ولا يردون له قضاء .. ففيم إذن يهوله شيء مما هم فيه، وربه هو الذي يعطي ويسلب حين يشاء كيف شاء؟ ..
إن أصحاب الدعوة إلى اللّه لا بد أن يجدوا حقيقة ربهم في نفوسهم على هذا النحو حتى يملكوا أن يقفوا بإيمانهم في استعلاء أمام قوى الجاهلية الطاغية من حولهم .. أمام القوة المادية. وقوة الصناعة. وقوة المال.
وقوة العلم البشري. وقوة الأنظمة والأجهزة والتجارب والخبرات .. وهم مستيقنون أن ربهم آخذ بناصية كل دابة وأن الناس - كل الناس - إن هم إلا دواب من الدواب! وذات يوم لا بد أن يقف أصحاب الدعوة من قومهم موقف المفاصلة الكاملة فإذا القوم الواحد أمتان مختلفتان .. أمة تدين للّه وحده وترفض الدينونة لسواه. وأمة تتخذ من دون اللّه أربابا، وتحاد اللّه!
نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 190