نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 184
مثل الأرض والمرعى والمصالح والحدود التي تمثل خواص الحظيرة، وسياج الحظيرة! ولا تكون كذلك هي الدم والنسب والعشيرة والقوم والجنس والعنصر واللون واللغة .. فكلها مما يشترك فيه الإنسان مع البهيمة. وليس هناك إلا شؤون العقل والقلب التي يختص بها الإنسان دون البهيمة!
كذلك تتعلق العقيدة بعنصر آخر يتميز به الإنسان عن البهائم .. هو عنصر الاختيار والإرادة، فكل فرد على حدة يملك أن يختار عقيدته بمجرد أن يبلغ سن الرشد وبذلك يقرر نوع المجتمع الذي يريد أن يعيش فيه مختارا ونوع المنهج الاعتقادي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والخلقي الذي يريد - بكامل حريته - أن يتمذهب به ويعيش ..
ولكن هذا الفرد لا يملك أن يقرر دمه ونسبه ولونه وقومه وجنسه. كما لا يملك أن يقرر الأرض التي يحب أن يولد فيها، ولغة الأم التي يريد أن ينشأ عليها .. إلى آخر تلك المقومات التي تقام عليها مجتمعات الجاهلية! .. إن هذه الأمور كلها يقضى فيها قبل مجيئه إلى هذه الأرض، ولا يؤخذ له فيها مشورة ولا رأي إنما هي تفرض عليه فرضا سواء أحب أم كره! فإذا تعلق مصيره في الدنيا والآخرة معا - أو حتى في الدنيا وحدها - بمثل هذه المقومات التي تفرض عليه فرضا لم يكن مختارا ولا مريدا وبذلك تسلب إنسانيته مقوما من أخص مقوماتها وتهدر قاعدة أساسية من قواعد تكريم الإنسان بل من قواعد تركيبه وتكوينه الإنساني المميز له من سائر الخلائق! ومن أجل المحافظة على خصائص الإنسان الذاتية، والمحافظة على الكرامة التي وهبها اللّه له متمشية مع تلك الخصائص يجعل الإسلام العقيدة - التي يملك كل فرد اختيارها بشخصه منذ أن يبلغ سن الرشد - هي الآصرة التي يقوم عليها التجمع الإنساني في المجتمع الإسلامي والتي يتقرر على أساسها مصير كل فرد بإرادته الذاتية. وينفي أن تكون تلك العوامل الاضطرارية، التي لا يدله فيها، ولا يملك كذلك تغييرها باختياره، هي آصرة التجمع التي تقرر مصيره طول حياته.
ومن شأن قيام المجتمع على آصرة العقيدة - وعدم قيامه على العوامل الاضطرارية الأخرى - أن ينشىء مجتمعا إنسانيا عالميا مفتوحا يجيء إليه الأفراد من شتى الأجناس والألوان واللغات والأقوام والدماء والأنساب والديار والأوطان بكامل حريتهم واختيارهم الذاتي لا
نام کتاب : القرآن الكريم وقضايا العقيدة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 184