نام کتاب : القضايا الكبرى نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 54
وهذان المظهران للقضية هما اللذان يقدمان لنا الدرس المفيد، كما أنهما مظهران مترَابطان. فنحن نرى ضمن حالة ملموسة، وبصورة تلقائية، أن مشكلة التجهيز مرتبطة بقضية الإنسان والأفكار، وأن المحصول الاجتماعي للآلات مرتبط بفعالية وسلوك الفرد الذي يستخدمها.
ونحن هنا، ندرك ضمن حدّ معين، الصلة القائمة بين إرادة وقدرة مجتمع يبني ذاته على قاعدة حضارة، وليس على قاعدة منتجاتها. وهذا ما يفسر لنا كيف أن اليابان قد نجحت حيث لم يحقق العالم الإسلامي، حتى هذا الحين، نصراً حاسماً على التخلف، لأن نشاطه قد طبق في عالم الأشياء والمنتجات، بدل أن يطبق ضمن النسق البشري ونسق الأفكار.
وفي ضوء هذه الاعتبارات يصبح من الضروري أن نحول السؤال المثار بصورة ضمنية من خلال موقف العالم الإسلامي منذ قرن من الزمان:- كيف نصنع منتجات الحضارة؟ .. إلى سؤال صريح:- كيف نصنع الحضارة؟ ..
تلك هي المشكلة في انضباطها التام.
ولكي نتناول هذه المشكلة على هذا الشكل، يتعين علينا اللجوءُ إلى الطريقة المعتمدة في مختبر التحليلات.
فنحن لكي نقوم بتحليل مادة ما، لا ننقلها برمّتها إلى المختبر، ولكننا نقتصر على اقتطاع (عيّنات) منها فحسب. وعيّنات حضارة ما، هي منتجاتها الاجتماعية في جميع أشكالها.
فالصباح الذي نستنير به، والأفكار التي وجهت أمر تجهيزه، والآدميون الذين قاموا بعملية إنجازه، تمثل جميعها منتجات اجتماعية لحضارة معينة.
ونحن لو حللنا من وجهة نظر علم الاجتماع هذه (العيّنة)، لوجدنا أن
نام کتاب : القضايا الكبرى نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 54