نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد جلد : 1 صفحه : 190
الأصل الثامن:
وحدة اللغة، ووجهها: أنه لا يمكن أن يتم الاتحاد والإخاء بين الناس وصيرورة الشعوب الكثيرة أمة واحدة إلا بوحدة اللغة [1] وما زال الحكماء الباحثون فى مصالح البشر العامة يتمنّون لو يكون لهم لغة واحدة مشتركة، يتعاونون بها على التعارف والتآلف، ومناهج التعليم والآداب، والاشتراك فى العلوم والفنون والمعاملات الدنيوية، وهذه الأمنية قد حققها الإسلام بجعل لغة الدين والتشريع والحكم لغة جميع المؤمنين به والخاضعين لشريعته. إذ يكون المؤمنون مسوقين باعتقادهم ووجدانهم إلى معرفة لغة كتاب الله وسنة رسوله لفهمهما والتعبد بهما، والاتحاد بأخوتهم فيهما، وهما مناط سيادتهم، وسعادتهم فى الدنيا والآخرة، ولذلك كرّر فى القرآن بيان كونه كتابا عربيا، وحكما عربيا، وكرر الأمر بتدبره والتفقه فيه، والاتعاظ والتأديب به، وأما غير المؤمنين فيتعلمون لغة الشرع الذى يخضعون لحكمه، والحكومة التى يتبعونها لمصالحهم الدنيوية كما هى عادة البشر فى ذلك، وكذلك كان الأمر فى الفتوحات الإسلامية العربية كلها.
وقد فصّلت فى المنار والتفسير مسألة وجوب تعلم اللغة العربية فى دين الإسلام وكونه مجمعا عليه بين المسلمين كما قرره الإمام الشافعى رضى الله عنه فى رسالته، وهو الذى جرى عليه العمل فى عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين، ثم خلفاء الأمويين والعباسيين إلى أن كثر الأعاجم، وقلّ العلم، وغلب الجهل، فصاروا يكتفون من لغة الدين بما فرضه الله فى العبادات من القرآن والأذكار [2].
الشواهد من السنّة على وحدة الجنس واللغة: كان النبى صلّى الله عليه وسلّم ينكر على المسلمين كل نوع من أنواع التفرقة الذى ينافى وحدتهم وجعلهم أمة واحدة كالجسد الواحد كما شبههم بقوله: «مثل المؤمنين فى توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى». رواه الإمام أحمد من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنه، وكان يخص بمقته وإنكاره التفرق فى الجنس النسبى أو اللغة. أما الأول فمشهور ومنه أن أبا ذر رضى الله عنه وهو من السابقين الأولين المتقين تغاضب مع بلال الحبشى مولى أبى بكر رضى الله عنه وتسابا فقال [1] المراد أنه لا يمكن هذا مع حرية الدين التى قررها الإسلام إلا باللغة. [2] راجع ذلك فى ص 310 من الجزء التاسع تفسير المنار.
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد جلد : 1 صفحه : 190