responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 106
(الرابعة الرحمة للمؤمنين): وهى ما تثمره لهم هداية القرآن وتفيضه على قلوبهم من رحمة ربهم الخاصة، وهى صفة كمال من آثارها: إغاثة الملهوف، وبذل المعروف، وكف الظلم، ومنع التعدّى والبغى، وغير ذلك من أعمال الخير والبر، ومقاومة الشر، وقد وصف الله المؤمنين بقوله: رُحَماءُ بَيْنَهُمْ، وبقوله: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ.
وهذه الصفات الأربع مرتّبة على سنّة الفطرة البشرية، فالموعظة هى التعاليم التى تشعر النفس بنقصها وخطر أمراضها الاعتقادية والخلقية، وتزعجها إلى مداواتها وطلب الشفاء منها، والشفاء تخلية، يتبعها طلب التحلية، بالصحة الكاملة، والعافية التامة، وهو الهدى، ومن ثمراته: هذه الرحمة التى لا توجد على كمالها إلا فى المؤمنين المهتدين، ولا يحرمها إلا الكافرون الماديون. حتى قال بعضهم: إنها ضعف فى القلب. ويجعل صاحبه كالمضطر إلى الإحسان والعطف، وما هذا القول إلا من فساد الفطرة وقسوة القلب، وفلسفة الكفر، فلقد كان أشجع الناس وأقواهم بدنا وقلبا، أرحم الناس وأشدهم عطفا وهو سيد ولد آدم محمد رسول الله وخاتم النبيين. الذى وصفه ربه بما وصف به نفسه من قوله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، وقوله: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وكذلك كان أصحابه رضى الله عنهم حتى كان من يوصف بالشدة والقسوة كعمر بن الخطاب رضى الله عنه صار من أرحم الناس وسيرته فى ذلك معروفة كما أشرنا إليه آنفا.
وقد قال صلّى الله عليه وسلم: «لا تنزع الرحمة إلا من شقى». رواه أبو داود والترمذى، واللفظ له عن أبى هريرة رضى الله عنه، وقد صح عنه صلّى الله عليه وسلم أنه كان إذا سمع وهو فى الصلاة بكاء طفل تجوز فى صلاته- أى اختصرها وخفّفها- رحمة به وبأمه، وروى ابن اسحاق أن بلالا رضى الله عنه مر بصفية وبابنة عم لها على قتلى قومهما اليهود بعد انتهاء غزوة خيبر فصكّت ابنة عمها وجهها وحثت عليه التراب وهى تصيح وتبكى، فقال صلّى الله عليه وسلم له: «أنزعت الرحمة من قلبك حين تمر بالمرأتين على قتلاهما». وجاء أعرابى إليه صلّى الله عليه وسلم فقال: إنكم تقبلون أولادكم وما نقبلهم فقال له صلّى الله عليه وسلم: «أو أملك لك [1] أن نزع الله الرحمة من قلبك؟».
رواه البخارى ومسلم من حديث عائشة رضى الله عنها والمراد إنى لا أملك أن أشعرك بما لا تشعر به، لأنّ الله نزع الرحمة من قلبك، فأجعلك رحيما. بل كان صلّى الله عليه وسلم شديد الرحمة

[1] قوله: «أو أملك» همزته للاستفهام الإنكارى، والواو مفتوحة وما بعدها معطوف على محذوف تقديره أتكون هكذا وأملك له من الله شيئا غيره؟ وقوله: «أن نزع» بفتح همزة أن وتقدير لام التعليل أو باء السببية قبلها بأى بأن نزع الرحمة من قلبك.
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست