نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 561
الإعداد والتهيئة الفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، وهو نفس المنهاج الذي سلكه النبي -صلى الله عليه وسلم- لتغيير الحياة الجاهلية إلى حياة إسلامية، فقد ظل ثلاثة عشر عاما في مكة، كانت مهمته فيها تنحصر في تربية الجيل المؤمن الذي يستطيع فيما بعد أن يحمل عبء الدعوة، وتكاليف الجهاد لحمايتها ونشرها في الآفاق [1].
ثانيا: التدرج في تحريم الربا:
لقد كان من حكمة الله في تحريم الربا، كما هو الشأن في تشريعاته: (التدرج في التحريم والانتقال من التعريض والتلويح إلى النص الصريح، ومن النهي الجزئي إلى النهي الكلي الحاسم) [2].
وإليك البيان: لقد تناول القرآن الحديث عن الربا في أربعة مواضع، وكان أول موضع منها وحيا مكيا والثلاثة الباقية وحيا مدنيا.
الموضع الأول: يقول -سبحانه وتعالى-: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم: 39].
الآية كما ترى موعظة سلبية فقد قالت: إن الربا لا ثواب له عند الله، ولكن تقل إن الله ادخر لآكله والمتعامل به عقابا بخلاف الزكاة، فهلا ثوابها المضاعف عند الله، وفي هذا إيماء إلى أن الربا غير مقبول عند الله [3].
الموضع الثاني: كان درسا وعبره قصهما علينا القرآن من سيرة اليهود الذين حرم الله عليهم الربا فأكلوه، فعاقبهم الله بمعصيتهم، ومن الواضح أن هذه العبرة لا تقع موقعها إلا إذ كان من ورائها ضرب من تحريم الربا على المسلمين، ولكن إلى الآن تحريم بالتعريض، لا بالنص الصريح قال عز شأنه: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساء: 160 - 161]، وفي [1] انظر: الخصائص العامة للإسلام (182). [2] حلول لمشكلة الربا، د. محمد محمد أبو شبهة (28). [3] انظر: حلول لمشكلة الربا (28).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 561