نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 559
أولا: الخمر:
ولعل أوضح مثال معروف في ذلك هو تحريم الخمر على مراحل معروفة في تاريخ التشريع الإسلامي حتى إذا نزلت الآيات الحاسمة في النهي عنها في سورة المائدة، وفي ختامها: (فَهَلْ أَنْتُم مُّنتَهُونَ) [المائدة: 91]، قال المؤمنون في قوة وتصميم، قد انتهينا يا رب [1].
وفي قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) [البقرة: 219].
يقول سيد قطب -رحمه الله-: وهذا النص الذي بين أيدينا كان أول خطوة من خطوات التحريم، فالأشياء والأعمال قد لا تكون شرا خالصا فالخير يلتبس بالشر، والشر يلتبس بالخير في هذه الأرض ولكن مدار الحل والحرمة هو غلبة الخير أو غلبة الشر، فإذا كان الإثم في الخمر والميسر أكبر من النفع، فتلك علة تحريم ومنه وإن لم يصرح هنا بالتحريم والمنع.
هنا يبدو لنا طرف من منهج التربية الإسلامي القرآني الرباني الحكيم.
وهو المنهج الذي يمكن استقراؤه في الكثير من شرائعه وفرائضه وتوجيهاته، ونحن نشير إلى قاعدة من قواعد هذا المنهج بمناسبة الحديث عن الخمر والميسر عندما يتعلق الأمر أو النهي بقاعدة من قواعد التصور الإيماني أي بمسألة اعتقادية، فإن الإسلام يقضي فيها قضاء حاسما منذ اللحظة الأولى.
ولكن عندما يتعلق الأمر أو النهي بعبادة وتقليد، أو بوضع اجتماعي معقد، فإن الإسلام يتريث به ويأخذ المسألة باليسر والتدرج، ويهيئ الظروف الواقعة التي تيسر التنفيذ والطاعة، فعندما كانت المسألة مسألة التوحيد أو الشرك: أمضى أمره منذ اللحظة الأولى، في ضربة حازمة جازمة لا تردد فيها ولا تفلت، ولا مجاملة فيها ولا مساومة، ولا لقاء في منتصف الطريق؛ لأن المسألة هنا مسألة قاعدة أساسية للتصور، لا يصلح بدونها إيمان ولا يقام إسلام. [1] الخصائص العامة للإسلام (181).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 559