نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 551
ثالثا: وقوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء: 7].
ففي الآية الأولى والثانية، إشارة إلى أن أهل القرابة أحق بميراث قريبهم الميت من غيرهم، ممن ليس له صلة قرابة بالميت، فهم أحق بالإرث من المؤمنين والمهاجرين، وقد كان المسلمون في صدر الإسلام يرثون بسبب (الهجرة) و (المؤاخاة) التي آخي فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار، فكان المهاجري يرث أخاه الأنصاري، دون قريبه، والأنصاري يرث أخاه المهاجري دون قريبه، بسبب (المؤاخاة في الدين) واستمر الأمر على ذلك، إلى أن استمكن الدين ورست قواعده بفتح مكة، فنسخ الله تعالى الإرث بالهجرة والمؤاخاة وجعلها بالقرابة والنسب، وهذا من وسطية القرآن في باب الميراث.
والآية الثالثة: رفع بها الباري تبارك وتعالي الظلم عن الضعيفين (الطفل والمرأة) وعاملهما بالرحمة والعدل، ورد إليهما حقوقهما في الإرث، حيث أوجب توريث النساء والرجال، ولم يفرق بين صغير وكبير، ولا بين ذكر وأنثى؛ بل جعل لكل نصيبا في الميراث سواء قل الإرث أم كثر، وسواء رضي المورث أم لم يرض، فرد إلى النساء والأطفال اعتبارهما، وقضى على الظلم والحيف بشأنهما، وهذا من وسطية القرآن في باب الميراث [1].
إن المتأمل في أحكام الله تعالى في قضية الميراث يوقن إيقانا تاما أن هذه الأحكام ربانية المصدر لما احتوت عليه من حكمة وعدل واعتدال واستقامة.
يقول سيد قطب -رحمه الله-: (إن هذا النظام في التوريث هو النظام العادل المتناسق مع الفطرة ابتداء، ومع واقعيات الحياة العائلية والإنسانية في كل حال، يبدو هذا واضحا حين نوازنه مع أي نظام آخر، عرفته البشرية في جاهليتها القديمة، أو جاهليتها الحديثة، في أية بقعة من بقاع الأرض. [1] المواريث في الشريعة (16).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 551