نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 511
والأحاديث في هذا كثيرة، ولهذا قال ابن عباس في قوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78]، يعني من ضيق [1].
وقد اتضح لنا مما سبق أن آيات رفع الحرج دليل واضح وبرهان قاطع على وسطية هذا الدين في تشريعه وتكاليفه.
4 - نواصل ذكر الأدلة من القرآن الكريم في باب التشريع والتكليف التي تقرر منهج الوسطية، وأنه سمة هذا الدين، وسر من أسرار عظمته وهذه الآيات هي آيات التخفيف والتيسير قال سبحانه وتعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 185]، وقال جل في علاه: (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) [الأعلى: 8]، وقال: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الانشراح: 5 - 6]، وقوله: (يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 28].
فهذه الآيات تبين أن الله أراد بهذه الأمة اليسر والتخفيف، ونفى إرادة العسر والمشقة، وهذه الآيات وإن كان بعضها ورد في سياق قضية خاصة، كالآية الأولى وردت في شأن الرخصة في الصيام إلا أن المراد منها العموم، كما صرح بذلك غير واحد من المفسرين، وقد صرح كثير من المفسرين في الآيات السابقة أن المراد عموم التخفيف في الشريعة، وإرادة التيسير ورفع المشقة [2].
قال ابن كثير -رحمه الله-: في قوله: (يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 28]، أي: في شرائعه، وأوامره، ونواهيه، وما يقدره لكم) [3].
قال مجاهد -رحمه الله-: أي في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر) [4].
ومن هنا نخلص إلى أن آيات التيسير والتخفيف جاءت لإرساء قواعد هذا الدين وعالميته، وإليك بعض الأدلة التي تؤكد وسطية هذا الدين في باب التشريع والتكليف. [1] انظر: تفسير ابن كثير (3/ 236). [2] انظر: الوسطية في ضوء القرآن (162). [3] انظر: تفسير ابن كثير (1/ 479) والقاسمي (5/ 1201). [4] انظر: تفسير الطبري (5/ 30).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 511