نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 445
ومن تعاليمهم أيضًا: (عندما تدخل الشيخوخة عليك بالتخلي عن الحياة الأهلية وبالإقامة في الغابة، وإذا أقمت فيها فليس لك أن تقص شعرك ولحيتك، وشواربك ولا أن تقلم أظافرك).
(عود نفسك على تقلبات المواسم فاجلس تحت الشمس المحرقة وعش أيام المطر تحت السماء، وارتد الرداء المبلل في الشتاء).
(لا تفكر في الراحة البدنية، اجتنب سائر الملذات، ولا تقترب من زوجتك، نم على الأرض، ولا تأنس بالمكان الذي أنت فيه) [1].
وبذلك ظهرت الذلة والمسكنة، والمهانة، والتشاؤم وكثير من الأخلاقيات التي لا تليق بالإنسان بسبب هذا المعتقد الخبيث المنحرف عن هدى الله القويم، إن الله -سبحان وتعالى- يقول في كتابه العزيز: (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) البقرة: 143]، ويقول أيضًا: (وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 27 - 28].
والآتيان الكريمتان تقرير من رب العالمين بأن دينه العظيم هو المنجي من مذاهب الانهماك المادي، أو الانهماك البدني، وأنه الطريق الوحيدة لإنقاذ البشرية من طواغيت المادية الشهوانية التي مالوا بالفطرة ميلا جائرا حتى طمسوها ومن طواغيت الرهبانية الذين أثقلوها بالأغلال والآصار وحجروا عليها واسعا من فضل الله العظيم حتى فصموها [2].
إن القرآن الكريم وسط في باب الأخلاق بين أغلاة المثالين الذين تخيلوا الإنسان ملاكا أو شبه ملاك، فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له، وبين غلاة الواقعين، الذين حسبوه حيوانا أو كالحيوان، فأرادوا له من السلوك ما لا يليق فاعتبروها خيرا محضا، وهؤلاء أساءوا بها الظن، فعدوها شرا خالصا، وكانت نظرة القرآن وسطا بين أولئك وهؤلاء. [1] انظر مقارنة الأديان (أديان الهند الكبرى) لأحمد شلبي بتصرف (60 - 70). [2] انظر: المنهاج القرآني في التشريع (169).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 445