نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 383
المبحث الثالث
الغلو في العصر النبوي
لقد عاش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم- عاملين بمنهج الوحي على أفضل وجه وأعدله، وقدموا لنا صورة مثالية فريدة في تنفيذ منهج الله بتوازنه واعتداله ووسطيته، وشموله وواقعيته وكماله.
وبذلك نالوا شرف خيرية هذه الأمة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "خير أمتى قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" [1]. إلا أنه قد وقعت بعض المواقف الفردية المعدودة من بعض الصحابة تشير إلى الاتجاه إلى سبيل الغلو، والتشدد في الدين عن حرص صادق للازدياد من الخير، ولكن الرسول الكريم والمربي العظيم -صلى الله عليه وسلم- كان له بالمرصاد، فردهم عن هذا السبيل، وقوم هذا العوج، وصحح نظريتهم، وأرشدهم إلى سبيل الاعتدال والخير القويم، فاستجابوا وأطاعوا، كل ذلك كان بأسلوب حكيم [2].
النموذج الأول: الثلاثة الرهط:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم: أما أنا فأنا أقوم الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ ... أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" [3].
فهذا موقف من مواقف الغلو يجلي لنا سبب هذه النزعة: وهي الرغبة الصادقة [1] صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- باب فضل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- (4/ 22) رقم (2600). [2] انظر: ظاهرة الغلو في الدين، محمد عبد الحكيم (81). [3] صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، (6/ 142، رقم 5063).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 383