responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 381
المبحث الثاني
التفريط والإفراط في العبادة
وقبل أن ألج في بيان منهج القرآن في العبادة، وبيان ملامح الوسطية في ذلك، أرى من المناسب ذكر المناهج السائدة فيما يتعلق بالعبادة تفريطا وإفراطًا، فأقول وبالله التوفيق.
المنهج الأول: ويمثله اليهود في تفريطهم وجفائهم، فلو تأملنا في التوراة -بعد تحريفها- لوجدنا تقديس المادة غلب على بنودها، فلا تقرأ في أسفار التوراة ذكرا للآخرة، حتى ما ورد فيها من وعد ووعيد فإنما هو متعلق بالدنيا فقط، فلا يعمل الشخص إلا لتحقيق كسب عاجل، أو خوفا من عقوبة عاجلة، بل بلغوا وطبقوا ماديتهم حتى في معرفة الله، فقالوا: (أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً) [النساء: 153]، وقالوا: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة: 55].
ووفقا لهذا التصور المادي الدنيوي أغرق هؤلاء في تقديس المحسوسات، واتخذوها للرقي، وأصبحت القيم المادية محور الحياة، وتحول الإنسان في نظر هؤلاء إلى آله تتحرك، ومعدة تهضم، وكائن يلهو وقد وصفهم القرآن الكريم، وبين مدى تعلقهم بالحياة الدنيا وحرصهم عليها فقال تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) [البقرة: 96]، أي حياة، حتى لو كانت حياة البهائم ونحوها وذلك لأنهم يخشون الموت (وَلَن يَّتَمَنَّوْهُ أَبَدًا) [البقرة: 95]، لأنهم ربطوا غايتهم بالدنيا، فعلمهم للدنيا وعبادتهم لمآرب دنيوية! فإذا انتهت الدنيا فقد فاته كل شيء فهم بهذا أغرقوا في الشهوات، وعبدوا أنفسهم للماديات، فهم كمشركي قريش الذين قالوا: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ) [الجاثية: 24]، وهذا المنهج يمثل التفريط في أسوأ صوره وحالاته، ولذلك أمرنا الله أن نستعيذ منه من كل صلاة، ونسأله أن يجنبنا إياه: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7].
أما المنهج الثاني: وهو المنهج القائم على الروحانيات، وذلك بإعلائها وتمجيدها،

نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست