نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 231
والخلق والرزق والإحياء والإماته يثمر له عبودية التوكل عليه باطنًا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا، وعلمه بسمعه تعالى وبصره وعلمه وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح، ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته توجب له سعة الرجاء ويثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه [1].
وكذلك معرفته بجلال الله وعزه تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها، وكذلك علمه بكماله وجماله وصفاته العلى وجب له محبة خاصة بمنزلة أنواع العبودية فرجعت العبودية إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها [2].
وهذه الأحوال التي تتصف بها القلوب: هي أكمل الأحوال وأجل وصف يتصف به القلب وينصبغ به، ولا يزال العبد يمرن نفسه عليها حتى تنجذب نفسه وروحه بدواعيه منقادة راغبة وبهذه الأعمال القلبية تكمل الأعمال البدنية فنسأل الله أن يملأ قلوبنا من معرفته ومحبته والإنابة إليه, فإنه أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين [3].
لكل صفة من صفة الله أثر في قلب المؤمن.
وقد يظن بعض الذين يدعون العلم، وممن لا حظ لهم من علوم الشريعة، أن معرفة أسماء الله وصفاته لا تؤثر في الإيمان بالله من حيث الزيادة والنقصان ولا تؤثر في القلوب، ولذلك لا فائدة من معرفتها أو جهلها أو إثباتها أو إنكارها، وقد توسع في هذا الجانب الفلاسفة الذين وصفوا الله تعالى بصفات من عند أنفسهم [1] انظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم (2/ 90). [2] انظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم (2/ 90). [3] انظر: القواعد الحسان، للسعدي، (130).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 231