نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 229
بموجب أسمائه وصفاته، وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك، وما يحمد به نفسه ويحمد به أهل سمواته وأهل أرضه، وما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده وهو سبحانه الحميد المجيد، وحمده ومجده يقتضيان آثارهما ومن آثارهما: مغفرة الزلات وإقالة العثرات، والعفو عن السيئات أو المسامحة عن الجنايات مع كمال القدرة على استيفاء الحق، والعلم منه سبحانه بالجناية ومقدار عقوبتهما فحلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن كمال عزته وحكمته كما قال عيسى عليه السلام في القرآن: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] أي فمغفرتك عن كمال قدرتك وحكمتك لست كمن يغفر عجزًا، ويسامح جهلاً بقدر الحق؛ بل أنت عليم بحقك، قادر على استيفائه حكيم في الأخذ به، فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم، وفي الأمر يتبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد، وتقديرها هو في كمال الأسماء والصفات والأفعال وغايتها أيضًا مقتضى حمده ومجده، كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته، فلله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة، والآيات الباهرة.
والله سبحانه دعا عباده إلى معرفته بأسمائه وصفاته وأمرهم بشكره ومحبته وذكره وتعبدهم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى لأن كل اسم له تعبد مختص به، علمًا ومعرفة وحالاً، وأكمل الناس عبودية: المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر فلا يحجبه اسم عن اسم آخر، كما لا يحجبه التعبد باسمه (القدير) عن التعبد باسمه (الحليم الرحيم) أو يحجبه عبودية اسمه (المعطي) عن عبودية اسمه (المانع) أو عبودية اسمه (الرحيم، العفو، والغفور) عن اسم المنتقم أو التعبد بأسماء (البر، والإحسان، واللطف) عن أسماء العدل والجبروت، والعظمة والكبرياء وهذه طريقة الكمال من السائرين إلى الله، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء ودعاء التعبد [1] وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنو عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها. [1] انظر: مدارج السالكين (2/ 417 - 418 - 419).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 229