responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 143
وقته، ولا تؤخره عنه) لما كانت الأشياء لها مراتب وحقوق تقتضيها، ولها حدود ونهايات تصل إليها ولا تتعداها، ولها أوقات لا تتقدم ولا تتأخر، كانت الحكمة مراعاة هذه الجهات الثلاث بأن تعطي كل مرتبة حقها الذي أحقه الله لها بشرعة وقدره، ولا تتعدى بها حدها فتكون متعديا مخالفا للحكمة، ولا تطلب تعجيلها عن وقتها فتخالف الحكمة، ولا تؤخرها عن فتفوتها، وهذا حكم عام لجميع الأسباب مع الأسباب مع مسبباتها شرعا وقدرا، فإضاعتها تعطيل للحكمة بمنزلة إضاعة البذر وسقى الأرض، وتعدى الحق كسقيها فوق حاجتها، بحيث يغرق البذر والزرع ويفسد، وتعجيلها قبل وقتها كحصاده قبل إدراكه وكماله، وهذا يكون فعل ما ينبغي على الوجه الأكمل في الوقت المناسب [1].
الدرجة الثانية: معرفة عدل الله في وعيده، وإحسانه في وعده، وعدله في أحكامه الشرعية والكونية الجارية على الخلائق، فإنه لا ظلم فيها ولا جور.
قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء:40]، وكذلك معرفة بره في منعه، فإنه سبحانه هو الجواد الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق، ولا يغيض ما في يمينه سعة عطائه، فهو سبحانه لا يضع بره وفضله إلا في موضعه ووقته بقدر ما تقتضيه حكمته، فما أعطى إلا بحكمته ولا منع إلا بحكمته، ولا أضل إلا بحكمته.
الدرجة الثالثة: البصيرة، وهي قوة الإدراك والفطنة والعلم والخبرة [2] والبصيرة هي أعلى درجات العلم التي تكون نسبة العلم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه الخصيصة التي اختص بها الصحابة عن سائر الأمة ثم المخلصين من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي أعلى درجات العلماء [3] قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108]، فقد أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر الناس أن هذه طريقته ومسلكه وسنته وهي الدعوة

[1] انظر: مدارج السالكين (2/ 479).
[2] المعجم الوسيط: مادة: بصر، (1/ 59).
[3] انظر: مدارج السالكين (2/ 482).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست