نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 79
ومضى هذا المشهد في تاريخ البشرية إعلانا لحرية القلب البشري باستعلائه على قيود الأرض وسلطان الأرض، وعلى الطمع، في المثوبة والخوف من السلطان. وما يملك القلب البشري أن يجهر بهذا الإعلان القوي إلا في ظلال الإيمان.
إنه مشهد انتصار الحق والإيمان في واقع الحياة المشهود، بعد انتصارهما في عالم الفكرة والعقيدة. فلقد مضى السياق بانتصار آية العصا على السحر وانتصار العقيدة في قلوب السحرة على الاحتراف وانتصار الإيمان في قلوبهم على الرغب والرهب، والتهديد والوعيد. فالآن ينتصر الحق على الباطل والهدى على الضلال، والإيمان على الطغيان في الواقع المشهود. والنصر الأخير مرتبط بالنصر الأول. فما يتحقق النصر في عالم الواقع إلا بعد تمامه في عالم الضمير وما يستعلي أصحاب الحق في الظاهر إلا بعد أن يستعلوا بالحق في الباطن .. إن للحق والإيمان حقيقة متى تجسمت في المشاعر أخذت طريقها فاستعلنت ليراها الناس في صورتها الواقعية. فأما إذا ظل الإيمان مظهرا لم يتجسم في القلب، والحق شعارا لا ينبع من الضمير، فإن الطغيان والباطل قد يغلبان، لأنهما يملكان قوة مادية حقيقية لا مقابل لها ولا كفاء في مظهر الحق والإيمان ..
يجب أن تتحقق حقيقة الإيمان في النفس وحقيقة الحق في القلب فتصبحا أقوى من حقيقة القوى المادية التي يستعلي بها الباطل ويصول بها الطغيان .. [في ظلال القرآن 4/ 2344]
--------------
وهكذا يقلد هؤلاء الطغاة فرعون في الكذب والمراوغة وكيل التهم الجاهزة والباطلة للحفاظ على عروشهم العنكبوتية ...
فموسى عليه السلام كان في مدين لمدة عشر سنوات ولم ير السحرة إلا في تلك اللحظة التي تمت فيها المباراة التي دعا إليها الطاغية فرعون، فلما عرف السحرة الحق وآمنوا به لهم فرعون مباشرة: «إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ»
فكيف يكون كبيرهم الذي علمهم السحر ولم لا يعرفهم ولم يلتق بهم في حياته إلا في هذا الموقف؟؟؟ َََ!!!
بل قال فرعون لهم أيضاً ليخدع شعبه الذي كان يعبده {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)} [الأعراف:123 - 126]
---------------
وهنا يظهر الطغاة على حقيقتهم:
فهم يتهمون كل من يقوم بوجههم بكل التهم التي يمكن أن يصدِّق بها الناس .....
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 79