responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2260
من قبلك؟ إنما يريدون أن يتحاكموا إلى شيء آخر، وإلى منهج آخر، وإلى حكم آخر .. يريدون أن يتحاكموا إلى .. الطاغوت .. الذي لا يستمد مما أنزل إليك وما أنزل من قبلك. ولا ضابط له ولا ميزان، مما أنزل إليك وما أنزل من قبلك .. ومن ثم فهو .. طاغوت .. طاغوت بادعائه خاصية من خواص الألوهية. وطاغوت بأنه لا يقف عند ميزان مضبوط أيضا!
وهم لا يفعلون هذا عن جهل، ولا عن ظن .. إنما هم يعلمون يقينا ويعرفون تماما، أن هذا الطاغوت محرم التحاكم إليه: «وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» .. فليس في الأمر جهالة ولا ظن. بل هو العمد والقصد.
ومن ثم لا يستقيم ذلك الزعم. زعم أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك! إنما هو الشيطان الذي يريد بهم الضلال الذي لا يرجى منه مآب ..
«وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً» .. فهذه هي العلة الكامنة وراء إرادتهم التحاكم إلى الطاغوت. وهذا هو الدافع الذي يدفعهم إلى الخروج من حد الإيمان وشرطه بإرادتهم التحاكم إلى الطاغوت! هذا هو الدافع يكشفه لهم. لعلهم يتنبهون فيرجعوا. ويكشفه للجماعة المسلمة، لتعرف من يحرك هؤلاء ويقف وراءهم كذلك.
ويمضي السياق في وصف حالهم إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله إلى الرسول وما أنزل من قبله .. ذلك الذي يزعمون أنهم آمنوا به: «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ: تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ، رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً». يا سبحان الله! إن النفاق يأبى إلا أن يكشف نفسه! ويأبى إلا أن يناقض بديهيات المنطق الفطري .. وإلا ما كان نفاقا ...
إن المقتضى الفطري البديهي للإيمان، أن يتحاكم الإنسان إلى ما آمن به، وإلى من آمن به. فإذا زعم أنه آمن بالله وما أنزل، وبالرسول وما أنزل إليه. ثم دعي إلى هذا الذي آمن به، ليتحاكم إلى أمره وشرعه ومنهجه كانت التلبية الكاملة هي البديهية الفطرية. فأما حين يصد ويأبى فهو يخالف البديهية الفطرية. ويكشف عن النفاق. وينباء عن كذب الزعم الذي زعمه من الإيمان! وإلى هذه البديهية الفطرية يحاكم الله - سبحانه - أولئك الذين يزعمون الإيمان بالله ورسوله. ثم لا يتحاكمون إلى منهج الله ورسوله. بل يصدون عن ذلك المنهج حين يدعون إليه صدودا! ثم يعرض مظهرا من مظاهر النفاق في سلوكهم حين يقعون في ورطة أو كارثة بسبب عدم تلبيتهم للدعوة إلى ما أنزل الله وإلى الرسول أو بسبب ميلهم إلى التحاكم إلى الطاغوت. ومعاذيرهم عند ذلك. وهي معاذير النفاق: «فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ - بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ - ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ: إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً» ..
وهذه المصيبة قد تصيبهم بسبب انكشاف أمرهم في وسط الجماعة المسلمة - يومذاك - حيث يصبحون معرضين للنبذ والمقاطعة والازدراء في الوسط المسلم. فما يطيق المجتمع المسلم أن يرى من بينه ناسا يزعمون أنهم آمنوا بالله وما أنزل، وبالرسول وما أنزل إليه ثم يميلون إلى التحاكم لغير شريعة

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست