نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1150
ولاة أمركم، فجعل طاعة الله ورسوله هي الحكم والفيصل على الجميع، فإذا كان الله قد أرسل رسوله وأمره بقول تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} [المائدة: 49]، فكذلك الخلفاء من بعده ليس لهم من الطاعة إلا ما وافق حكم الله جل جلاله.
ولوضوح هذا الأصل كانت أول خطبة خطبها أبو بكر وهو أول خليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيان هذا الأصل العظيم، حيث حدد فيها حدود طاعته، فعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «إِنِّي وُلِّيتُكُمْ وَلَسْتُ مِنْ أَخْيَرِكُمْ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فَإِنْ أَصَبْتُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَقَوِّمُونِي، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُعْصَمُ بِالْوَحْيِ» (1)
وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي وُلِّيتُ أَمْرَكُمْ، وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنَّهُ نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَسَنَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَّمَنَا فَعَمِلْنَا، وَاعْلَمُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ الْهُدَى» أَوْ قَالَ: «التُّقَى» «وَأَنَّ أَعْجَزَ الْعَجْزِ الْفُجُورُ، وَأَنَّ أَقْوَاكُمْ عِنْدِي الضَّعِيفُ حَتَّى آخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَأَنَّ أَضْعَفَكُمْ عِنْدِي الْقَوِيُّ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا مُتَّبِعٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ، فَإِنْ أَنَا أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَنَا زُغْتُ فَقَوِّمُونِي أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ» (2)
وعلى هذا أجمع الصحابة رضي الله عنهم، وأن طاعة السلطة في الإسلام منوطة ومرهونة بكونها في دائرة طاعة الله ورسوله فقط.
2 - أن يكون أولي الأمر منا {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وهذا هو الشرط الثاني، فلا سمع ولا طاعة شرعية دينية لمن لم يكن من أهل الإيمان والإسلام، كما قال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]!
وكذلك لا سمع ولا طاعة لمن ظهرت ردته كما في حديث البيعة الصحيح عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» (3)
(1) - مسند البزار = البحر الزخار (1/ 180) (100) صحيح لغيره
(2) - الأموال للقاسم بن سلام (ص: 12) (8 و9) صحيح لغيره زيادة مني
(3) - صحيح البخاري (9/ 47) (7055 - 7056) وصحيح مسلم (3/ 1470) 42 - (1709)
[ش (أصلحك الله) كلمة اعتادوا أن يقولوها عند الطلب أو المراد الدعاء له بإصلاح جسمه ليعافى من مرضه. (أخذ علينا) اشترط علينا. (على السمع والطاعة) لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. (منشطنا) حالة نشاطنا. (مكرهنا) في الأشياء التي نكرهها وتشق علينا. (أثرة علينا) استئثار الأمراء بحظوظهم واختصاصهم إياها بأنفسهم أي ولو منعنا حقوقنا. (الأمر) الملك والإمارة. (كفرا) منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام فتكون المنازعة بالإنكار عليهم. أو كفرا ظاهرا فينازعون بالقتال والخروج عليهم وخلعهم. (بواحا) ظاهرا وباديا. (برهان) نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل]
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1150